للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الربيع: وجه الشافعي رجلًا ليشتري له طيبًا فلما جاءه قال: اشتريته من أشقر كوسج فقال: نعم قال: عد فرده عليه، زاد حرملة عن الشافعي: فما جاءني خير قط من أشقر.

وعن حرملة أيضا سمعت الشافعي يقول: احذروا الأعور والأحول والأحدب والأشقر والكوسج١ وكل من به عاهة في بدنه وكل ناقص الخلق فاحذره؛ فإنه صاحب التواء ومعاملتهم عسرة، وقال أيضا: فإنهم أصحاب خبث، قال ابن أبي حاتم: هذا إذا كان خُلُقيًّا، فأما من حدثت له هذه العلل فلا تضر مخالطته.

وروى الحميدي عن الشافعي أنه قال: خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها, ثم لما كان انصرافي مررت في طريقي برجل وهو محتبٍ بفناء داره أزرق العينين ناتئ الجبهة سناط -وهو الذي ليس في لحيته شعر- فقلت له: هل من منزل؟ قال: نعم -قال الشافعي: وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة- فأنزلني فرأيته أكرم رجل بعث إلي بعشاء وطيب وعلف لدابتي وفراش ولحاف، قال: فجعلت أتقلب الليل أجمع ما أصنع بهذه الكتب؟ فلما أصبحت قلت للغلام: أسرج فأسرج فركبت ومررت عليه وقلت له: إذا قدمت مكة ومررت بذي طوى فاسأل عن منزل محمد بن إدريس الشافعي فقال لي: أمولًى كنت أنا لأبيك؟ قلت: لا. قال: فهل كانت لك عندي نعمة؟ فقلت: لا قال: فأين ما تكلفت لك البارحة؟ قلت: وما هو؟ قال: اشتريت لك طعامًا بدرهمين، وأدمًا بكذا وعطرًا بثلاثة دراهم، وعلفًا لدابتك بدرهمين، وكراء الفراش واللحاف درهمان، قال فقلت: يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء؟ قال: نعم كراء المنزل، فإني وسعت عليك وضيقت على نفسي بتلك الكتب، فقلت له: هل بقي من شيء بعد ذلك؟ قال: لا. قلت: امض خزاك الله، فما رأيت قط شرًّا منك.

٨٦١- "إياكم وكثرة الضحك؛ فإنه يميت القلب, ويذهب بنور أهل الجنة" ٢.

رواه ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.

٨٦٢- "إياكم واللو؛ فإن اللو تفتح عمل الشيطان".

رواه مسلم عن أبي هريرة.


١ الكوسج: ناقص الأسنان، القاموس المحيط.
٢ "حسن" ولفظه عند ابن ماجه: " ... إياك وكثرة الضحك؛ فإن كثرة الضحك فساد القلب". انظر صحيح الجامع "٧٨٣٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>