للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعسكري والقضاعي من حديث ابن لهيعة عن عقبة بن عامر رفعه: "من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد" وللعسكري فقط عن الحسن البصري مرسلًا: "التبين من الله، والعجلة من الشيطان, فتبينوا" والتبين: التثبت والتأني, كما قرئ بهما في قوله تعالى: {فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: ٦] ويشهد له ما أخرجه الشيخان عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأشج عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، وما أحسن ما قيل:

قد يدرك المتأني بعض حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل

وقد ورد تقييد ذلك ببعض الأعمال؛ فروى أبو داود عن سعد بن أبي وقاص: "التؤدة في كل شيء إلا في عمل الآخرة" قال الأعمش: لا أعلم إلا أنه رفعه، وفي لفظ للحاكم وأبي داود والبيهقي عن سعد: "التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة" وللمزي في تهذيبه في ترجمة محمد بن موسى عن مشيخة من قومه١ مرسلًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الأناة في كل شيء, إلا في ثلاث: إذا صيح: يا خيل الله اركبي، وإذا نودي بالصلاة، وإذا كانت الجنازة" وللترمذي بسند حسن عن عليٍّ رفعه: "ثلاثة لا تؤخروها: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤًا" وللغزالي عن حاتم الأصم قال: "العجلة من الشيطان إلا في خمسة, فإنها من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إطعام الطعام، وتجهيز الميت، وتزويج البكر، وقضاء الدين، والتوبة من الذنب".

٩٤٤- التائب من الذنب كمن لا ذنب له٢.

رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رفعه، قال في الأصل: ورجاله ثقات، بل حسنه شيخنا، يعني لشواهده، وإلا فأبو عبيدة بن عبد الله أحد رجاله لم يسمع من أبيه، ومن شواهده ما أخرجه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس بزيادة: "والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه، ومن آذى مسلمًا كان عليه من الإثم مثل كذا وكذا" وفي لفظ: "كان عليه من الذنوب مثل منابت


١ في بعض النسخ المطبوعة: "شيخة من قومه"، وفي البعض الآخر: "مشيخة من فوقه"، والمثبت من تهذيب الكمال للحافظ المزي في ترجمة محمد بن موسى بن نفيع "٥٣١/ ٢٦".
٢ حسن رقم: "٣٠٠٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>