للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي مريم لم يتهمه أحد بكذب، إنما سرق له حلي فأنكر عقله، وقال الحافظ ابن حجر تبعا للعراقي: ويكفينا سكوت أبي داود عليه فليس بموضوع ولا شديد الضعف، فهو حسن انتهى. وقال القاري بعد أن ذكر ما تقدم: فالحديث إما صحيح لذاته أو لغيره, مرتقٍ عن درجة الحسن لذاته إلى صحة معناه، وإن لم يثبت مبناه, انتهى. وفي الباب ما لم يثبت عن معاوية قال العسكري: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن من الحب ما يعميك عن طريق الرشد ويصمك عن استماع الحق، وإن كان الرجل إذا غلب الحب على قلبه ولم يكن له رادع من عقل أو دين؛ أصمه حبه عن العذل, وأعماه عن الرشد؛ ولذا قال بعضهم رحمه الله تعالى:

وعين أخي الرضا عن ذاك تعمى

وقال آخر:

وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا

وقال ثعلب: معناه أن العين تعمى عن النظر إلى مساويه، وتصم الأذن عن استماع العذل فيه, وأنشأ يقول:

وكذبت طرفي فيك, والطرف صادق ... وأسمعت أذني فيك ما ليس تسمع

وقيل: معناه يعمى ويصم عن الآخرة، والغرض النهي عن حب ما لا ينبغي، وعن الإغراق في حبه، ومثل هذا الحديث ما ذكره في الجامع الصغير عن ابن عباس "حب الثناء من الناس يعمي ويصم" وسنده ضعيف كما في المناوي, انتهى.

١٠٩٦- الحبيب لا يعذب حبيبه.

قال القاري نقلًا عن السخاوي: ما علمته في المرفوع، وقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ} ١ يشير إلى صحة معناه وإن لم يثبت مبناه، وقال النجم: قلت: وعند أحمد عن أنس, مر النبي -صلى الله عليه وسلم- في نفر من أصحابه وصبي في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ, فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني، فسعت فأخذته، فقال القوم: يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا والله ولا يلقي حبيبٌ


١ المائدة: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>