فتح: اعلم أنه على كل خير مانع وعلى العلم موانع منها: الوثوق بالمستقبل والوثوق بالذكاء والانتقال من علم إلى علم قبل أن يحصل منه قدرا يعتد به أو من كتاب إلى كتاب قبل ختمه.
ومنها: طلب المال أو الجاه أو الركون إلى اللذات البهيمية.
ومنها: ضيق الحال وعدم المعونة على الاشتغال.
ومنها: أفعال الدنيا وتقليد الأعمال ومنها: كثرة التأليف في العلوم وكثرة الاختصارات فإنها مخلة عائقة.
فتح: أما الوثوق بالمستقبل: فلا ينبغي للعاقل لأن كل يوم آت بمشاغله فلا يؤخر شغل يومه إلى غد.
فتح: وأما الوثوق بالذكاء: فهو من الحماقة وكثير من الأذكياء فاته العلم بهذا السبب.
فتح: وأما الانتقال من علم إلى علم قبل أن يستحكم الأول فهو: سبب الحرمان عن الكل فلا يجوز وكذا الانتقال من كتاب إلى كتاب كذلك.
فتح: وأما طلب المال أو الجاه أو الركون إلى اللذات البهيمية فالعلم أعز من أن ينال مع غيره أو على سبيل التبعية ولذلك ترى كثيرا من الناس لا ينالون من العلم قدرا صالحا يعتد به لاشتغالهم عنه بطلب المنصب والمدرسة وهم يطلبونه دائما ليلا ونهارا سرا وجهارا ولا يفترون وكان ذكرهم وفكرهم تحصيل المال والجاه مع أنها لهم في اللذات الفانية وعدم ركونهم إلى السعادة الباقية ومناصبهم في الحقيقة مناصب أجنبية لأنها شاغلة عن الشغل والتحصيل على القانون المعتبر في طريقه.
فتح: وأما ضيق الحال وعدم المعونة على الاشتغال فمن أعظم الموانع وأشدها لأن صاحبه مهموم ومشغول القلب أبداً.