وعليه أن يشتغل بمصالح نفسه لا بقهر عدوه قيل: من أراد أن يرغم أنف عدوه فليحصل العلم وأن لا يترفه في المطعم والملبس وأن لا يتجمل في الأثاث والمسكن بل يؤثر الاقتصاد في جميع الأمور ويتشبه بالسلف الصالح وكلما ازداد إلى جانب القلة ميله ازداد قربه من الله - سبحانه وتعالى - لأن التزين بالمباح وإن لم يكن حراما لكن الخوض فيه يوجب الأنس به حتى يشق تركه فالحزم اجتناب ذلك لأن من خاض في الدنيا لا يسلم منها البتة مع أنها مزرعة الآخرة ففيها الخير النافع والسم الناقع ففي تمييز الأول من الثاني أحوال منها: معرفة رتبة المال فنعم المال الصالح منه للصالح إذا جعله خادما لا مخدوما وهو مطلوب لتقوية البدن بالمطاعم والملابس والتقوية لكسب العلوم والمعارف التي هي المقصد الأقصى ومنها: مراعاة جهة الدخل فمن قدر على كسب الحلال الطيب فليترك المشتبه وإن لم يقدر يأخذ منه قدر الحاجة وإن قدر عليه - لكن بالتعب واستغراق الوقت - فعلى العامل العامي أن يختار التعب وإن كان من الأهل فإن كان ما فاته من العلم والحال أكثر من الثواب الحاصل في طلب الحلال فله أن يختار الحلال الغير الطيب كمن غص بلقمة يسيغها بالخمر لكن يخفيه من الجاهل - مهما أمكن - كيلا يحرك سلسلة الضلال ومنها: المقدار المأخوذ منه وهو قدر الحاجة في: المسكن والمطعم والملبس والمنكح إن جاوز من الأدنى لا يجوز التجاوز عن الوسط ومنها: الخرج والإنفاق فالمحمود منه الصدقة والإنفاق على العيال وقد اختلف في أن الأخذ والإنفاق على الوجه المشروع أولى أم تركه رأسا مع الاتفاق؟ على أن الإقبال على الدنيا بالكلية مذموم فالمقبلون على الآخرة والصارفون للدنيا في محله فهم الأفضلون من التارك بالكلية ومنهم عامة الأنبياء - عليهم السلام - ومنها: أن تكون نيته صالحة في الأخذ والإنفاق فينوي بالأخذ أن يستعين به على العبادة ويأكل ليتقوى به على العبادة.