مخصوصا ويتشوق نفوس أهل القرن الناشئ إلى تحصيله فيفزعون إلى أهله.
فائدة: وكل تعليم وتعلم ذهني إنما يكون بعلم سابق في معلوم ما من عالم كمن ليس بعالم وقد يكون بالطبع مستفادا من وقائع الزمان بتردد الأذهان ويسمى: علما تجريبيا وقد يكون بالبحث وإعمال الفكر ويسمى: علما قياسيا والعلم محصور في التصور والتصديق والتصور: يطلب بالأقوال الشارحة والتصديق: يكون عن مقدمات في صور القياسات للنتائج فقد يحصل به اليقين وقد لا يحصل به الإقناع وقدموا في التعليم ما هو أقرب تناولا ليكون سلما لغيره وجرت سنة القدماء في التعليم مشافهة دون كتاب لئلا يصل العلم إلى غير مستحقه ولكثرة المشتغلين بها فلما ضعفت الهمم أخذوا في تدوين العلوم وصنفوا ببعضها فاستعملوا الرمز واختصروا من الدلالات على الالتزام فمن عرف مقاصدهم حصل على أغراضهم.
فائدة: اعلم: أن جميع المعلومات إنما تعرف بالدلالة عليها بأحد الأمور الثلاثة: الإشارة والخط واللفظ فالإشارة: تتوقف على المشاهدة واللفظ: يتوقف على حضور المخاطب وسماعه وأما الخط: فلا يتوقف على شيء فهو أعمها نفعا وأشرفها وهو خاصة النوع الإنساني فعلى المتعلم أن يجوده ولو بنوع منه ولا شك أنه بالخط والقراءة ظهرت خاصة النوع الإنساني من القوة إلى الفعل وامتاز عن سائر الحيوانات وضبطت الأموال وحفظت العلوم والكمال وانتقلت الأخبار من زمان إلى زمان فجبلت غرائز القوابل على قبول الكتابة والقراءة لكن السعي لتحصيل الملكة هو موقوف على: الأخذ والتعلم والتمرن والتدرب.
فائدة: اعلم أن العلم والنظر وجودهما بالقوة في الإنسان فيفيد صاحبها عقلا لأن النفس الناطقة وخروجها من القوة إلى الفعل إنما هو بتجدد العلوم والإدراكات من المحسوسات أولا ثم ما يكتسب بالقوة النظرية إلى أن يصير إدراكا بالفعل وعقلا محضا فيكون ذاتا روحانية ويستكمل حينئذ وجودها فثبت أن كل نوع من العلوم والنظر يفيدها عقلا مزيدا وكذا الملكات الصناعية تفيد عقلا والكتابة من بين الصنائع أكثر إفادة لذلك فإنها تشتمل على علوم وأنظار إذ فيها انتقال من صور الحروف الخطية إلى الكلمات اللفظية ومنها إلى المعاني فهو ينتقل من دليل إلى دليل وتتعود النفس ذلك دائما فيتحصل لها ملكة الانتقال من الأدلة إلى المدلول وهو معنى النظر الفعلي الذي يكتسب به العلوم المجهولة فيحصل بذلك زيادة عقل ومزيد فطنة وهذا هو ثمرة التعلم في الدنيا.
فائدة: ثم إن المقصود من: العلم والتعليم والتعلم معرفة الله سبحانه وهي غاية الغايات ورأس أنواع السعادات ويعبر عنها: بعلم اليقين الذي يخصه الصوفية أولو الكرامات وهو الكمال المطلوب من العلم الثابت بالأدلة وإياك أيها المتعلم أن يكون شغلك من العلم أن تجعله صنعة غلبت على قلبك حتى قضيت نحبك بتكراره عند النزع كما يحكى أن أبا طاهر الزيادي كان يكرر مسألة ضمان الدرك حالة نزعه بل ينبغي لك أن تتخذه سبيلا إلى النجاة.
ذكر إحراق الكتب وإعدامها: ومن أجل ذلك نقل عن بعض المشايخ: أنهم أحرقوا كتبهم منهم: العارف