اختلافا ناشئا من أن العلم ليس حاصلا قبل حصول الصورة في الذهن بداهة واتفاقا وحاصل عنده بداهة واتفاقا والحاصل معه ثلاثة أمور: الصورة الحاصلة وقبول الذهن من المبدأ الفياض وإضافة مخصوصة بين العالم والمعلوم فذهب بعضهم إلى أن العلم هو الصورة الحاصلة فيكون من مقولة الكيف. وبعضهم إلى أنه الثاني فيكون من مقولة الانفعال. وبعضهم إلى أنه الثالث فيكون من مقولة الإضافة. والأصح المذهب الأول لأن الصورة توصف بالمطابقة كالعلم والإضافة والانفعال ويوصفان بها.
لكن القول بأن الصورة العقلية من مقولة الكيف إنما يصح إذا كانت مغارة لذي الصورة بالذات قائمة بالعقل كما هو مذهب القائلين بالشبح والمثال الحاكمين بأن الحاصل في العقل أشباح الأشياء لا أنفسها. وأما إذا كانت متحدة معه بالذات مغايرة له بالاعتبار على ما يدل عليه أدلة الوجود الذهني وهو المختار عند المحققين القائلين بأن الحاصل في الذهن أنفس الأشياء لا أشباحها فلا يصح ذلك. فالحق أن العلم من الأمور الاعتبارية والموجودات الذهنية وإن كان متحدا بالذات مع الموجود الخارجي إذا كان المعلوم من الموجودات الخارجية سواء كان جوهرا أو عرضا كيفا أو انفعالا أو إضافة أو غيرها انتهى.
قال الرازي: قد اضطرب كلام ابن سينا في حقيقة العلم فحيث بين أن كون الباري عقلا وعاقلا ومعقولا يقتضي كثرة في ذاته فسر العلم بتجرد العالم والمعلوم من المادة. ورد بأنه يلزم منه أن يكون كل شخص إنساني عالما بجميع المجردات فإن النفس الإنسانية مجردة عندهم. وحيث قرر اندراج العلم في مقولة الكيف بالذات وفي مقولة الإضافة بالعرض جعله عبارة عن صفة ذات إضافة.
وحيث ذكر أن تعقل الشيء لذاته ولغير ذاته ليس إلا حضور صورته عنده جعله عبارة عن الصورة المرتسمة في الجوهر العاقل المطابقة لماهية المعقول. وحيث زعم أن العقل البسيط الذي لواجب الوجود ليس عقليته لأجل صور كثيرة بل لأجل فيضانها عنه حتى يكون العقل البسيط كالمبدأ الخلاق للصور المفصلة في النفس جعله عبارة عن مجرد إضافة انتهى.