للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجوز في الأبيات الأصلية وعرف صاحب مناظر الإنشاء١ المستزاد: بأن تستزاد بعد كل مصراع فقرة من النثر وتبعته في سبحة المرجان٢ ثم اختلج في خاطري أن النظم والنثر متضادان كيف يصح الاجتماع بينهما؟ فاستخرجت الوزن للزيادة وعرفت المستزاد بالتعريف الذي تقدم.

وللمستزاد أحكام منها: أن لا يجوز قطع الكلمة بين المصاريع وبين الزيادات في أي محل كان فلا بد من أن يختم كل من المصراع والزيادة على تمام الكلمة لا على بعضها لأن كلا من المصراع الأصلي والزيادة قطعة على حدة لا اتصال بينهما إلا في المعنى.

ففي القسم الأول: أربع قطع وفي القسم الثاني: ثلاث قطع. ومنها: أن يأتي في العروض والجزء الثاني من زيادتها فعول في وزن الدوبيت كما يجوز في المتقارب المستزاد وغير المستزاد وعلى هذا القياس فاع من غير أن يجعل الحرف الأخير منهما من المصراع الثاني كما يجعل منه أحيانا في غير المستزاد وهذا الأمر يفهم من الحكم الأول أيضا لكن بينته لزيادة التوضيح ومنها: أن يجيء في رأس الزيادات ورأس الأعجاز همزة الوصل بالقطع من غير مضايقة لما مر من أن كلا منهما قطعة على حدة ولما كان المستزاد من مخترعات شعراء العجم لزم لشعراء العرب أن يعملوا على ما قرره شعراء العجم من قواعدهم والأحسن أن تنسب القصيدة إلى الرويين: روي المصراع الأصلي وروي الزيادة ويقال مثلا للقصيدة الأولى من تغزلات هذا الديوان: الألفية الهمزية أما ترتيب الديوان على ترتيب حروف الهجاء فمداره على روي الزيادة.

ولقد أكثر شعراء العرب النظم في وزن الدوبيت لعذوبته وسلاسته لكن ما نظم أحد منهم قصيدة في هذا البحر فضلا أن ينظم المستزاد فيه ورأيت في ديوان الشيخ: صفي الدين الحلي موشحا في وزن الدوبيت مشتملا على الزيادة لكنه قسم آخر من الشعر ما هو على طريقة اخترتها ولا شك في أن المستزاد طريقه صعب لما فيه من رعاية القافيتين وتحمل الداهيتين فأجريت الكميت في ميدان الدوبيت ونظمت فيه قصائد المستزاد وأسست أساسا جديدا على نهج السداد.

أما المستزاد في المتقارب وركض الخيل فاستخرجته أنا ولم يسبق إليه ذهن قبلي فهو أول بناء أسسته بالعربية ثم شعراء الفرس نظموا المستزاد في الدوبيت وغيره قليلا قليلا لكن ما رتب أحد منهم ديوانا فيه فديواني أول ديوان رتب في المستزاد وأول صيد نشب في حبالة الصياد. انتهى كلامه.

وقال - رحمه الله - في أول كتابه مظهر البركات: إن المزدوجة من أقسام الموزونات حق للسان الفارسي فإنها فيه طبيعية تأتي عفوا بلا تكلف وضعها شعراء الفرس لنظم القصص والأخبار وسموها: المثنوي أما اللسان العربي فهي فيه غير طبيعية لا تأتي إلا بالتجشم كما أن القصيدة في اللسان الهندي غير طبيعية ليس وجودها فيه أصلا يعرف هذه المراتب من له معرفة تامة بهذه الألسنة ولهذا ما نظم المزدوجة من شعراء العرب إلا أشخاص معدودة منهم: الشيخ أبو يعلى: محمد بن الهبارية العباسي نظم


١ كتاب بالفارسية لمحمود بن محمد الكيلاني المعروف بخواجه جهان، انظر الكشف ١٨٣٣.
٢ لعلي آزاد المقدم ذكره وهو صاحب هذا البحث.

<<  <   >  >>