للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالحماسة والمفضليات وأشعار هذيل وغيرها من الكتب المفيدة ثم أورد: الشهاب الخفاجي١ بعد ذكر هذا من نثرهم ونظمهم جملة صالحة في كتابه ريحانة الألباء وذكر كلام المولدين وبعض شعراء الجاهلية ثم قال: إن المتأخرين وإن تأخر زمانهم عن المتقدمين فقد زاحموهم بالركب وكادوا أن يرقوا إلى أعلى الرتب لا سيما شعراء المغرب فقد أتوا بمعان بديعة وارتقوا إلى مرتبة رفيعة كيزيد بن خالد الإشبيلي له في وصف السفن معان لم يسبق إليها

ومن شعرائهم: ابن خفاجة وقال الأدباء: بدئ الشعر بملك وختم بملك والأول: امرؤ القيس فإنه أول من هلهل الشعر وهذبه ونسج نسيبه ورتبه والثاني: ابن المعتز فإنه ممن أوتي جوامع الكلم: نظما ونثرا وإنشاء وشعرا والعامة تقول: كلام الملوك ملوك الكلام وقيل: أبو فراس والأول: أقرب إلى القياس ولما بلغ عبد الملك أن الحجاج لا يراعي الشعراء نقم ذلك عليه وكتب إليه:

بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عبد الملك إلى الحجاج بن يوسف أما بعد: فقد بلغني عنك أمر كذب فراستي فيك وأخلف ظني بك من إعراضك عن الشعر والشعراء فكأنك لا تعرف فضيلة الشعر والشعراء ومواقع سهامهم أو ما علمت يا أخا ثقيف أن بقاء الشعر بقاء الذكر ونماء الفخر وأن الشعر طراز الملك وحلي الدولة وعنوان النعم وتمام المجد ودلائل الكرم وأنهم يحضون على الأفعال الجميلة وينهون عن الأخلاق الذميمة وأنهم سنوا سبل المكارم لطلابها ودلو العفاة على أبوابها وأن الإحسان إليهم كرم والإعراض عنهم لؤم وندم فاستدرك فرط تفريطك وامح بصوابك وحي أغاليطك والسلام.

وبهذا علمت وقع الشعراء عند الملوك وأنه سبيل إلى المكارم مسلوك وأن الشعراء قافلة تحمل الذكر الجميل وأن بضائعهم نافقة عند الكرام كاسدة عند اللئام والسلطان سوق تجلب لها الرغائب وتجبى لها محامد تمتلئ بها الحقائب. انتهى المقصود منه بالتخليص.


١ هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري، قاضي القضاة وصاحب التصانيف في الأدب واللغة: ٩٧٧-١٠٦٩هـ = ١٥٦٩-١٦٥٩م.

<<  <   >  >>