تعاضدت في: أن آدم نزل بالهند من السماء وتوطن بعد ذلك بهذه. الغبراء وقد فصلته في رسالتي: شمامة العنبر فيما ورد في الهند من سيد البشر وقد توارث أولاد آدم الشاعرية منهم من سكن الهند ولما أظلت ألوية الإسلام على هذا السواد وألقى الإسلاميون رحالهم في هذه البلاد وتكلموا بلسانها وترنموا بألحانها وسمعوا كلام مصاقعها وعرفوا بيان سواجعها وقفوا على أنهم بذلوا غاية الجهد في إبداع المعاني وصرفوا هممهم إلى أقصى حدود الطاقة البشرية في تأسيس المباني.
ثم اعلم: أن الجولان في سوح الأدب حق للأئمة الفصحاء من العرب فإنهم صعدوا في قمم أطواده وبلغوا قصارى أنجاده ولعمري إن أزهار الفصاحة باسمة بنسائمهم وأرجاء البلاغة فائحة بشمائمهم جزاهم الله عنا أوفى الأجزية وذكرهم في مجامع القدس بأحسن الأثنية.
ولما ألف الإسلام بين الأمم ووقعت مخالطة العرب والعجم وجلس الخلفاء في بغداد وأمتهم الخلائق من شواسع البلاد اكتسب العجم فن الفصاحة من العرب العرباء وتجاوبوا على سننهم في هذه الدوحة العلياء لا سيما من كان قريبا من دار الخلافة وجارا متصلا بمركز الشرافة كما تشهد به يتيمة الدهر للثعالبي ودمية القصر للباخرزي وغيرهما.
وأما الهند: ففتح في عهد الوليد بن عبد الملك على يد: محمد بن قاسم الثقفي سنة اثنتين وتسعين الهجرية وبلغت راياته المظلة على الفوج من حدود السند إلى أقصى قنوج سنة خمس وتسعين وبعدما عاد عاد ولاة الهند إلى أمكنتهم وبقي الحكام من الخلفاء المروانية والعباسية ببلاد السند وفي عهد العباسية كان أبو حفص ربيع بن صبيح السعدي البصري من أتباع التابعين وأعيان المحدثين بالسند وهو أول من صنف في الإسلام قال صاحب المغني: مات بأرض السند سنة ستين ومائة وقصد السلطان: محمود الغزنوي أواخر المائة الرابعة - غزو الهند - وأتى مرارا وغلب وأخذ الغنائم وانتزع السند من الحكام الذين كانوا من القادر بالله بن المقتدر العباسي ولكن السلطان: محمود ما أقام بمملكة الهند وكان أولاده متصرفين من غزنين إلى لاهور حتى استولى السلطان: معز الدين سام الغوري على غزنين وأتى لاهور وقبض على خسرو ملك ختم الملوك الغزنوية وضبط الهند وجعل دهلي دار الملك سنة تسع وثمانين ١ / ٣٤٥ وخمسمائة ومن هذا التاريخ إلى الآن ممالك الهند في يد السلاطين الإسلامية.
ولما انتشر الإسلام في هذه البلاد وطلعت شموسه على الأغوار والأنجاد ظهر جمع من الأدباء الإسلامية ونثروا على بسط الأزمنة لآلئ من السحب الأقلامية وليست كتب القوم حاضرة عندي في حال التحرير حتى أجلوا عرائس تراجمهم على منصة التقرير. انتهى المراد من تسلية الفؤاد١.
ومن أدباء الهند: القاضي: عبد المقتدر بن ركن الدين الشريحي الكندي الدهلوي المتوفى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة له قصيدة لامية مشهورة مطلعها:
يا سائق الظعن في الأسحار والأصل ... سلم على دار سلمى وابك ثم سل
١ كتاب مؤلفه غلام علي الأتي ذكره بعد قليل، انظر ماكتب عنه الدكتور جميل أحمد في كتابه "حركة التأليف باللغة العربية في الإقليم الشمالي الهندي" ص١٣٠ وما بعدها.