للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشيء من تلك القواعد المدونة في هذا العلم المبنية على شفا جرف هار من أدلة العقل التي لا تعقل ولا تثبت إلا بمجرد الدعاوى والافتراء على العقل بما يطابق الهوى ولا سيما إذا كانت مخالفة لأدلة الشرع الثابتة في الكتاب والسنة فإنها حينئذ حديث خرافة ولعبة لاعب.

ثم بعد إحراز هذه العلوم يشتغل بعلم التفسير فيأخذ عن الشيوخ ما يحتاج مثله إلى الأخذ ك: الكشاف١ ويكب على كتب التفسير على اختلاف أنواعها وتباين مقاديرها ويعتمد في تفسير كلام الله - سبحانه - على ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عن الصحابة فإنهم أهل اللسان العربي فما وجده من تفاسير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتب المعتبرة كالأمهات وما يلتحق بها قدمه على غيره وأجمع مؤلف في ذلك الدر المنثور للسيوطي وينبغي له أن يطول الباع في هذا العلم ويطالع مطولات التفسير ك: مفاتيح الغيب للرازي ولا يكتفي على تفسير بعض الآيات مسميا لها بآيات الأحكام كما وقع للموزعي وصاحب الثمرات ويقدم على قراءة التفاسير: الاطلاع على علوم لها مدخل في التلاوة وسائر العلوم المتعلقة بالكتاب العزيز وما أنفع الإتقان للسيوطي في مثل هذه الأمور ثم لا يهمل النظر في كتب القراآت وما يتعلق بها ك: الشاطبية وشروحها والطيبية وشروحها وأعظم العلوم فائدة وأكثرها نفعا وأوسعها قدرا وأجلها خطرا: علم السنة المطهرة فإنه الذي تكفل ببيان الكتاب العزيز ثم استقل بما لا ينحصر من الأحكام فيقبل على سماع الكتب ك: جامع الأصول والمشارق وكنز العمال والمنتقى لجد ابن تيمية رحمه الله وبلوغ المرام لابن حجر والعمدة ثم يسمع الأمهات الست٢ ومسند أحمد وصحيح ابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود وسنن الدارقطني والبيهقي وما بلغت إليه قدرته ووجد في أهل عصره شيوخه.

ثم يشتغل بشروح هذه المؤلفات فيسمع منها ما تيسر له ويطالع ما تيسر له سماعه ويستكثر من النظر في المؤلفات في علم الجرح والتعديل بل يتوسع في هذا العلم بكل ممكن وأنفع ماينتفع به مثل: النبلاء وتاريخ الإسلام وتذكرة الحفاظ والميزان وهذا بعد أن يشتغل بشيء من علم اصطلاح أهل الحديث كمؤلفات ابن الصلاح والألفية للعراقي وشروحها.

وينبغي أن يشتغل بمطالعة الكتب المصنفة في تاريخ الدول وحوادث العالم في كل سنة كما فعله الطبري في تاريخه وابن الأثير في كامله فإن للاطلاع على ذلك فائدة جليلة.

فإذا أحاط الطالب بما ذكرناه من العلوم فقد صار حينئذ في الطبقة العالية من طبقات المجتهدين وكمل له جميع أنواع علوم الدين وصار قادرا على استخراج الأحكام من الأدلة متى شاء وكيف شاء ولكنه ينبغي له: أن يطلع على علوم أخر٣ ليكمل له ما قد حازه من الشرف ويتم له ما قد ظفر به من بلوغ الغاية فمن ذلك: علم الفقه وأقل الأحوال: أن يعرف مختصرا في فقه كل مذهب من المذاهب المشهورة،


١ للزمخشري.
٢ أي كتب الصحاح الستة.
٣ في هامش الأصل: "وهي لا تخرج إن شاء الله تعالى عن القسم الثاني من هذا الكتاب وفيه ما لا يحتاج إليه طالب علم الدين وإنما يحتاج إليه طالب علوم الدنيا". حافظ علي حسين كاتب الحروف عفا الله عنه".

<<  <   >  >>