للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فانتبهت من النوم وبي من السرور ما يجل عن الوصف فأخبرت أهلي بما رأيت.

قال الكندي: وبقي الخطيب بعد هذا المنام ثلاثة أيام لا يطعم طعاما ولا يشتهيه وتوجد في فيه رائحة المسك ولم يعش إلا مدة يسيرة ولما استيقظ من منامه كان على وجهه أثر نور وبهجة لم يكن قبل ذلك وقص رؤياه على الناس وقال: سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا وعاش ثمانية عشر يوما لا يستطعم فيها طعاما ولا شرابا من أجل تلك التفلة وبركتها.

قال الوزير أبو القاسم بن المغربي: رأيت ابن نباتة في المنام بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: دفع لي ورقة فيها سطران بالأحمر وهما:

قد كان أمن لك من قبل ذا ... واليوم أضحى لك أمنان

والصفح لا يحسن عن محسن ... وإنما يحسن عن جاني

ولد سنة ٣٣٥هـ، وتوفي سنة ٣٧٤هـ، ببغداد.

قال: كنت يوما قائلا في دهليزي فدق علي الباب.

فقلت: من؟ فقال: رجل من أهل الشرق.

فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أنت القائل:

ومن لم يمت بالسيف مات بعلة ... تنوعت الأسباب والداء واحد

فقلت: نعم فقال: أرويه عنك؟ قلت: نعم فما كان آخر النهار دق علي الباب فقلت: من؟ فقال: رجل من أهل تاهرت من الغرب.

فقلت: ما حاجتك؟ فقال: أنت القائل:

ومن لم يمت ... الخ ... ؟

فقلت: نعم فقال: أرويه عنك؟ فقلت: نعم وعجبت كيف وصل شعري إلى الشرق والغرب؟

قلت: وعدم القدرة على الشعر ونظمه ثلمة في كون العالم من الطبقة الأولى لأهل العلم كما حرره وقدره شيخنا وبركتنا: محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله تعالى رحمة واسعة - وتقدم.

أبو العباس عبد الله بن محمد المعتز بالله ابن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد الهاشمي: أخذ الأدب عن المبرد وثعلب وغيرهما كان أديبا بليغا شاعرا مطبوعا مقتدرا على الشعر قريب المأخذ سهل اللفظ جيد القريحة حسن الإبداع للمعاني مخالطا للعلماء والأدباء معدودا في جملتهم شديد السمرة مسنون الوجه يخضب بالسواد رخي البال في عيش رغيد إلى أن خلع المقتدر وبويع ابن المعتز ولقبوه: المرتضي بالله.

وقيل: المنصف بالله.

وقيل: الغالب بالله.

وقيل: الراضي بالله.

أقام يوما وليلة ثم أعيد المقتدر واختفى ابن المعتز ثم أخذه المقتدر وقتله يوم الخميس ثاني شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين والقصة مشهورة وفيها طول وهذه خلاصتها.

وله من التصانيف: كتاب الزهر والرياض وكتاب البديع وكتاب مكاتبات الإخوان وكتاب الجوارح

<<  <   >  >>