للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سمع من ابن علان وطلب الحديث وقرأه وكان فصيحا متسرعا بصيرا بالمذهب وأصوله ذكياً صحيح الذهن صائب الفكر وكان شكله حسناً ومنظره رائعاً وتجمله في زيه وهيئته غاية وشيبته منورة يكاد الورد يقتطف من وجنتيه وعقيدته أشعرية وفضائله جموعها عديدة وفواضله ربوعها مشيدة صفن أشياء منها: رسالة في الرد على شيخ الإسلام ابن تيمية، ولذلك اعترف آخراً بفضله ومدحه مدحاً بالغاً إلى الغاية.

درس بالشامية البرانية والطاهرية والرواحية وألف: رسالة سماها: رابع أربعة توفي في سنة ٧٢٧هـ وكان كثير التحيل شديد الاحتراز يتوهم أشياء بعيدة وتعب بذلك وعودي وحسد.

ومن نظمه: قصيدة يذكر فيها الكعبة الشريفة ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم أولها:

أهواك يا ربة الأستار أهواك ... وإن تباعد عن مغناي مغناك

وعمل على هذه القصيدة كراريس سماها: عجالة الراكب في أشرف المناقب ذكر له أهل الطبقات تراجم حسنة في كتبهم.

محمد بن علي بن وهب بن مطيع الإمام العلامة شيخ الإسلام: تقي الدين أبو الفتح بن دقيق العيد:

القشيري المنفلوطي المصري المالكي الشافعي أحد الأعلام وقاضي القضاة.

ولد سنة ٦٢٥هـ، بناحية ينبع وتوفي يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة ٧٠٢هـ سمع من: ابن عبد الدائم والزين خالد وابن رواح وغيرهم.

له التصانيف البديعة: كالإمام في شرح الإلمام والإلمام بأحاديث الأحكام في علوم الحديث وشرح عمدة الأحكام وشرح مقدمة المطرزي في أصول الفقه وجمع: الأربعين في الرواية عن رب العالمين وكان إماما متقنا محدثا مجودا فقيها مدققا أصوليا أديبا شاعرا نحويا ذكيا غواصا على المعاني مجتهدا وافر العقل كثير السكينة بخيلا بالكلام تام الورع شديد التدين مديم السهر مكبا على المطالعة والجمع قل أن ترى العيون مثله سمحا جوادا وكان قد قهره الوسواس في أمر المياه والنجاسات وله في ذلك حكايات ووقائع كثيرة وكان كثير التسري والتمتع وله عدة أولاد ذكور بأسماء الصحابة العشرة.

تفقه بأبيه وبالشيخ عز الدين بن عبد السلام واشتهر اسمه في حياة مشائخه وكان مالكيا ثم صار شافعيا ومن شعره رحمه الله تعالى:

أحباب قلبي والذين بذكرهم ... وتردادهم طول الزمان تعلقي

لئن غاب من عيني بديع جمالكم ... وجار على الأبدان حكم التفرق

فما ضرنا بعد المسافة بيننا ... سرائرنا تسري إليكم فتلتقي

وقال يمدح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

لم يبق أمل سواك فإن بغت ... ودعت أيام الحياة وداعا

لا أستلذ بغير وجهك منظرا ... وسوى حديثك لا أريد سماعا

هؤلاء المترجمون هم نقاوة الحفاظ ولعلنا قد أهملنا خلقا كثيرا من نظرائهم فإن المجلس الواحد في ذلك الزمان كان يجتمع فيه أزيد من عشرة آلاف محبرة يكتبون الآثار النبوية ويعتنون بهذا الشأن،

<<  <   >  >>