إحدى عشرة سنة وتزوج وهو ابن أربع عشرة سنة واستسعد ببيعة والده في الخامسة عشر من عمره واشتغل بأشغال المشائخ النقشبندية ولبس خرقة الصوفية وقرأ البيضاوي وأجيز بالدرس وفرغ من تحصيل العلم وقرأ طرفا من: المشكاة والصحيح للبخاري والشمائل للترمذي والمدارك.
ومن علم الفقه: شرح الوقاية والهداية بتمامها إلا طرفا يسيراً.
ومن أصول الفقه: الحسامي وطرفا صالحا من التوضيح والتلويح.
ومن المنطق: شرح الشمسية وقسطا من شرح المطالع.
ومن الكلام: شرح العقائد وجملة من الخيالي وشرح المواقف وقطعة من العوارف.
ومن الطب: موجز القانون.
ومن الحكمة: شرح هداية الحكمة.
ومن المعاني: المختصر والمطول وبعض الرسائل في الهيئة والحساب إلى غير ذلك وبرع في هذه كلها وأجازه والده بأخذ البيعة ممن يريدها وقال: يده كيده.
ثم اشتغل بالدرس نحوا من اثنتي عشرة سنة وحصل له فتح عظيم في التوحيد والجانب الواسع في السلوك ونزل على قلبه العلوم الوجدانية فوجا فوجا وخاض في بحار المذاهب الأربعة وأصول فقههم خوضا بليغا ونظر في الأحاديث التي هي متمسكاتهم في الأحكام وارتضى من بينها بإمداد النور الغيبي طريق الفقهاء المحدثين واشتاق إلى زيارة الحرمين الشريفين فرحل إليهما في سنة ١١٤٣هـ، وأقام هناك عامين كاملين وتتلمذ على الشيخ: أبي الطاهر المدني وغيره من مشائخ الحرمين وتوجه إلى المدينة المنورة واستفاض فيضا كثيرا وصحب علماء الحرمين صحبة شريفة ثم عاد في سنة ١١٤٥هـ إلى الهند.
ومن نعم الله تعالى عليه: أن أولاه خلعة الفاتحية وألهمه الجمع بين الفقه والحديث وأسرار السنن ومصالح الأحكام وسائر ما جاء به صلى الله عليه وسلم من ربه عز وجل حتى أثبت عقائد أهل السنة بالأدلة والحجج وطهرها من قذى أمس المعقول وأعطي علم الإبداع والخلق والتدبير والتدلي مع طول وعرض وعلم استعداد النفوس الإنسانية لجميعها وأفيض عليه الحكمة العملية وتوفيق تشييدها بالكتاب والسنة وتمييز العلم المنقول من المحرف المدخول وفرق السنة السنية من البدعة الغير المرضية. انتهى.
وكانت وفاته في سنة ١١٧٦هـ الهجرية وله: مؤلفات جليلة ممتعة يجل تعدادها.
منها: فتح الرحمن في ترجمة القرآن والفوز الكبير في أصول التفسير والمسوى والمصفى في شروح الموطأ والقول الجميل والخير الكثير والانتباه والدر الثمين وكتاب: حجة الله البالغة وكتاب: إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء ورسائل التفهيمات وغير ذلك.
وقد ذكرت له ترجمة حافلة في كتابي: إتحاف النبلاء المتقين بإحياء مآثر الفقهاء المحدثين وذكر له معاصرنا المرحوم: المولوي محمد محسن بن يحيى البكري التيمي الترهتي رحمه الله ترجمة بليغة في رسالته: اليانع الجني وبالغ في الثناء عليه وأتى بعبارة نفيسة جدا وأطال في ذكر أحواله الأولى والأخرى وأطاب فإن شئت زيادة الاطلاع فارجع إليهما.
وقد طبع كتابه الحجة لهذا العهد بمصر، وكذا الإزالة بالهند بنفقة الشيخ الوزير محمد جمال الدين خان