للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لم يكن قد أتقن الحديث بالعربية بعد، وبجنود الأرناؤوط والدلاة، ومرتزقة من شتى الأجناس إلا أبناء مصر، وبخبراء من الإفرنج، فالذي وضع خطط حصار الدرعية، وأشرف على تنفيذها، هو المسيو فيسيير، الضابط الفرنسي الذي سافر مع إبراهيم مع طاقم من الخبراء الأجانب، أو كما يقول الرافعي فرِحًا شاكرًا: إن إبراهيم كان يتميز بصدق نظره، لأنه كان "أول من استعان بخبرة الأوروبيين في الحروب، فاصطحب معه في الحرب الوهابية طائفة من الإفرنج منهم الضابط الفرنسي فيسيير أحد ضباط أركان الحرب، وهذا أمر لم يكن مألوفًا، ولا سائغًا، بين قواد الشرق في ذلك العهد، ولكن إبراهيم باشا بذكائه وحصافته، عرف أن الأمم الشرقية لا تنهض إلا إذا اقتبست خبرة علماء أوروبا وقوادها" ..

أي نهضة؟! وأنت تقول إن الوهابية كانت تهدد الدولة العثمانية إذ تنازعها السلطة والسيادة، "وتتهددها بإنشاء دولة عربية قد تنتزع منها الخلافة".

هل تحطيم هذه المحاولة، وإزالة هذا "التهديد" (إنشاء دولة عربية تنتزع الخلافة) بمعونة الفرنجة تعتبره نهوضًا للأمم الشرقية؟!

على آية حال، إن الرافعي لم يكن سيء النية، ولكنه فاسد التفكير، وأمانته قد فرضت عليه الشهادة للوهابيين بأنهم: "دافعوا دفاع الأبطال عن الرس، بالرغم من قتالهم جيشًا مسلحًا بالبنادق الحديثة، ولم يكن عندهم إلا البنادق من الطراز العتيق الذي يطلق بالفتيلة، ومع ذلك صدوا هجمات الجيش "المصري" (تعبنا من تفنيد ذلك الزعم) ثلاث مرات، وكبدوه خسائر جسيمة، وبلغ عدد قتلاه مدة الحصار ٢٤٠٠ جندي. على حين لم يقتل من الوهابين سوى ١٦٠ مقاتلًا".

<<  <   >  >>