للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَادَّتَانِ تُمِدُّهُ هَذِهِ مَرَّةً، وَهَذِهِ أُخْرَى، وهُوَ لِمَا غَلَبَ عَلَيْهِ مِنْهُمُا، فَفِيهِ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالإِيمَانِ بِهِ، وَالإِخْلاَصِ لَهُ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ: مَا هُوَ مَادَّةُ حَيَاتِهِ، وَفِيهِ مِنْ مَحَبَّةِ الشَّهَوَاتِ، وَالْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِهَا، وَالْحَسَدِ وَالْكِبْرِ، وَالْعُجْبِ، وَحُبِّ الْعُلُوِّ، وَالْفَسَادِ فِي الأَرْضِ بِالرِّيَاسَةِ، وَالنِّفَاقِ، وَالرِّيَاءِ، وَالشُّحِ وَالْبُخْلِ مَا هُوَ مَادَّةُ هَلاَكِهِ وَعَطَبِهِ (١)، نَعُوذُ بَاللَّهِ مِنْ هَذَا الْقَلْبِ.

وقد مُثِّل ذلك بمثال حسن. وهو ثلاثة بيوت: بيت للملك فيه كنوزه وذخائره وجواهره، [وهذا مثال للقلب السليم]، وبيت للعبد فيه كنوز العبد وذخائره وجواهره، وليس جواهر الملك وذخائره، [وهذا مثال للقلب المريض]، وبيت خالٍ صفر لا شيء فيه، [وهذا مثال للقلب الميت]، فجاء اللصّ يسرق من أحد البيوت، فمن أيِّها يسرق؟

فإن قلت: من البيت الخالي، كان محالاً؛ لأن البيت الخالي ليس فيه شيء يُسرَق؛ ولهذا قيل لابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إن اليهود تزعم أنها لا توسوس في صلاتها، فقال: وما يصنع الشيطان بالبيت الخراب؟ (٢).

وإن قلت: يسرق من بيت الملك، كان ذلك كالمستحيل


(١) انظر: إغاثة اللهفان، ١/ ٩.
(٢) ذكره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى، ٢٢/ ٦٠٩، وفي الفتاوى الكبرى، ٢/ ٢٢٤، وعزاها لبعض السلف.

<<  <   >  >>