للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به ممن أحاذره

لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره (١)

قوله: "من الشيطان": اسم: جنس يشمل الشيطان الأول الذي أُمر بالسجود لأبينا آدم - عليه السلام - فلم يسجد، ويشمل ذريته أيضاً، وهو من "شطن" إذا بعُد، لبُعده من رحمة الله؛ فإن الله لعنه أي: طرده وأبعده عن رحمته.

قوله: "الرجيم" فعيل بمعنى: راجم، وبمعنى: مرجوم. فهو راجم، أي: يرجم غيره بالإغواء، فهو يؤز أهل المعاصي إلى المعاصي أزاً، قال اللَّه تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} (٢). وهو مرجوم: بلعنة الله، وطرده، وإبعاده عن رحمته، قال تعالى: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} (٣).

وفائدة الاستعاذة هنا: ليكون الشيطان بعيداً عن قلب المرء، وهو يتلو كتاب الله - عز وجل - حتى يحصل له بذلك تدبّر القرآن، وتفهّم معانيه، والانتفاع به (٤).

ومن لطائف الاستعاذة: أنها طهارة للفم، مما كان يتعاطاه: من اللّغو، والرفث، وتطييب له، وتهيّؤٌ لتلاوة كلام الله، وهي استعانة


(١) تفسير القرآن العظيم، ص ٢١.
(٢) سورة مريم، الآية: ٨٣.
(٣) سورة الحجر، الآيتان: ٣٤ - ٣٥.
(٤) انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ص ٢١، والشرح الممتع، ٣/ ٧١ - ٧٣.

<<  <   >  >>