للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (١)، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: ((يَقْبِضُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الأَرْضَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَطْوِي السَّمَاءَ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟)) (٢). و ((الدين)): الجزاء والحساب لله ٠

قوله - عز وجل -: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)): هذان مرجع الدين، وقُدّم المفعول للاهتمام والحصر، والمعنى: لا نعبد إلا إيّاك، ولا نستعين، ونتوكل إلا عليك، وهذا هو كمال الطاعة؛ فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، وتَحوَّل الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب؛ لأن القارئ كأنه اقترب وحضر بين يدي الله تعالى؛ فلهذا قال: ((إياك))، وهذا دليل على أن أول السورة خبر من الله تعالى بالثناء على نفسه الكريمة، وإرشاده لعباده أن يثنوا عليه بذلك.

((إيَّاكَ نَعْبُدُ)) أي: نُوَحِّدُ ونخاف ونرجو، ((وإيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) على طاعتك، وعلى أمورنا كُلِّها، وقدّم العبادة له؛ لأنها هي المقصودة، والاستعانة وسيلة إليها، وللاهتمام والحزم يقدم الأهم فالأهم.

قوله - عز وجل -: ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)): بعد تقدم الثناء على المسؤول تبارك وتعالى ناسب أن يُعقّب بالسؤال وهو الهداية، والهداية هاهنا هي هداية الإرشاد، أي: العلم، وهداية التوفيق، أي العمل، والصراط أي الطريق الواضح المستقيم الذي لا اعوجاج


(١) سورة غافر، الآية: ١٦.
(٢) مسلم، كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب صفة القيامة والجنة والنار، برقم ٢٧٨٧.

<<  <   >  >>