للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه، الذي نصبه الله لأهل نعمته، وهو العبادة، فالصراط ها هنا: المتابعة لله تعالى وللرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمؤمن يسأل الله تعالى في كل صلاة الهداية؛ وذلك لأن العبد مفتقر كلَّ ساعةٍ، وحالةٍ إلى الله تعالى، في تثبيته على الهداية، ورسوخه فيها، وتبصّره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فمعنى ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)) أي. استمر بنا عليه، ولا تعدل بنا إلى غيره.

قوله - عز وجل -: ((صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)): المنعم عليهم هم المذكورون في قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً} (١)، أي أنعمت عليهم بطاعتك وعبادتك من ملائكتك، وأنبيائك، والصديقين، والشهداء، والصالحين.

قوله - عز وجل -: ((غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)): هم اليهود، وكل من علم الحق ولم يعمل به. و ((الضَّالِّينَ)): هم النصارى، وكل من جهل الحقّ، وقُدِّم اليهود على النصارى في الذكر؛ لأنهم كانوا هم الذين يلون النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث كانوا جيرانه في المدينة بخلاف النصارى فإن ديارهم كانت نائية؛ ولذا نجد خطاب اليهود والكلام معهم في القرآن أكثر من خطاب النصارى (٢).


(١) سورة النساء، الآيتان: ٦٩ - ٧٠.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، ص ٢٥ - ٣٢، وبدائع الفوائد، لابن القيم، ١/ ٩ - ٤١، وهذا الموضع مهم.

<<  <   >  >>