قوله:((دقّه وجلّه)): أي صغيره وكبيره [قليله وكثيره]، وقدم الصغير على الكبير؛ لأن الكبائر تنشأ غالباً من عدم المبالاة بالصغائر والإصرار عليها، فكأنها وسيلة، ومن حق الوسائل أن تقدم في الذكر؛ ولأن السائل يترقَّى في سؤاله من الأدنى إلى الأعلى.
قوله:((دقه وجله)) تفصيل بعد إجمال؛ لأنه لما قال:((اغفر لي ذنبي كله)) تناول جميع ذنوبه مجملاً، ثم فصَّله بقوله:((دقه وجله))، وفائدته: أن التفصيل بعد الإجمال أوقع، وفيه علمان، والعلمان خير من علم واحد، وهو أعظم بالاعتراف والإقرار بما اقترف من الذنب.
قوله:((وأوله وآخره)): المراد ما تقدم من ذنبه، وما تأخر منه.
قوله:((علانيته وسره)): أي ظاهره وخفيه، وهو بالنسبة لغير الله تعالى؛ لأنهما عند الله سواء، والغرض من هذا كمال التواضع والإذعان من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لامتثال أمر الله - سبحانه وتعالى -، والتشريع للأمة، وإلا فهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم من الذنوب.
وفي هذا اللفظ توكيد الدعاء، وتكثير ألفاظه، وإن أغنى بعضه عن بعض، إلا أن إطالة الدعاء تدل على محبة الداعي؛ لأن الإنسان إذا أحب شيئاً أحب طول مناجاته، فأنت متصل بالله في الدعاء، فتطويلك الدعاء، وبسطك له دليل على محبتك لمناجاة الله - عز وجل -، ثم
(١) مسلم، كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم ٤٨٣.