للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا؛ لما فيها من مناجاة من لا تقرّ ... العيون، ولا تطمئن القلوب، ولا تسكن النفوس إلا إليه، والتنعم بذكره، والتَّذلُّلُ والخضوع له، والقرب منه، ولا سيما في حال السجود، وتلك الحال أقرب ما يكون العبد من ربه فيها، ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:

((يا بلال أرحنا بالصلاة))، فأعلم بذلك أن راحته - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، كما أخبر أن قرّة عينه فيها، فأين هذا من قول القائل: نصلي، ونستريح من الصلاة.

فالمحبّ راحته، وقرّة عينه في الصلاة، والغافل المعرض ليس له نصيب من ذلك؛ بل الصلاة كبيرة شاقة عليه، إذا قام فيها كأنَّه على الجمر، حتى يتخلّص منها، وأحب الصلاة إليه أعجلها، وأسرعها؛ فإنه ليس له قُرَّة عين فيها، ولا لقلبه راحة بها، والعبد إذا قرّت عينه بشيء، واستراح قلبه به، فأشقّ ما عليه مفارقته، والمتكلف الفارغ القلب من الله، والدار الآخرة المبتلى بمحبة الدنيا، أشقّ ما عليه الصلاة، وأكره ما إليه طولها، مع تفرّغه وصحته وعدم اشتغاله)) (١).


(١) رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه، ص ٣٣.

<<  <   >  >>