القول الثاني في هذه المسألة / أنّ العدالة في كل وقت بحسبها فما اعتبر عند أهل العصر من أهل العدالة فهو عدل وما لا فلا وهذا القول فيه غرابة , وجه الغرابة أنه جعل مناط العدالة مرتبط بالعرف وهذا غريب لأنّ العدالة وصف شرعي اسم شرعي يحتاج لتطبيقه إلى أدلة شرعية لكن هذا القول دليله الوحيد من وجهة نظري الضرورة لأنه لو لم نقل بهذا القول لأدى إلى ضياع حقوق الناس جملة وتفصيلا لأنّ اشتراط مثل هذا الشاهد يندر وإذا منعنا شهادة غيره صار هذا سببا في ضياع الحقوق وأنا أقول أنّه هذا في الحقيقة القول مع وجاهته وقوته إلاّ أنّ دليله الوحيد الضرورة لولا الضرورة لقلنا أنه مادام الشارع دلت النصوص على اعتبار هذا الشخص فاسق فإنها لا تقبل شهادته لكن الضرورة دلت على صحة هذا القول يستثنى من هذا على جميع الأقوال وعلى جميع التفريعات من فسقه بالكذب فمن فسقه بالكذب فإنا لا نقبل منه الشهادة لأنها تخل بالمقصود الأساسي من الحكم.
ثم - قال رحمه الله - (فلا تقبل شهادة فاسق)
سواء كان فسقه بالعمل أو بالاعتقاد , ويخرج من هذا أن يرتكب محرما يعتبر من محل الخلاف يعني من الأشياء التي اختلف فيها فإنّ ارتكابه لهذا المحرم لا يجعله فاسقا وإن ارتكب محرما فإذا الأشياء المختلف فيها لا تدخل ضمن الأشياء التي يفسق بها الإنسان.
قال - رحمه الله - (الثاني: استعمال المروءة , وهو فعل ما يجمله ويزينه , واجتناب ما يدنسه ويشينه)
يشترط لصحة الشهادة أن يستعمل المروءة , فإن لم يستعمل المروءة فإنّ شهادته لا تقبل والدليل على هذا أنّ المروءة تمنع صاحبها من الدناءة والكذب نوع من الدناءة فصارت المروءة تمنع الكذب والمروءة في عرف الفقهاء هي ترك كل ما يذم فاعله عرفا وفعل كل ما يذم تاركه عرفا فهي أفعال وتروك.
يقول المؤلف - رحمه الله - (استعمال المروءة وهو فعل ما يجمله ويزينه واجتناب ما يدنسه ويشينه)