الأمر الثاني: يقول الشيخ - رحمه الله - وكلب يقتنى، يعني وما يجوز أن يقتنى من الكلاب، ومقصود المؤلف بقوله وكلب يقتنى يعني وكل عين فيها نفع مباح, وإن كان لا يجوز أن تباع ولا أن تشترى, فالأعيان التي توصف بهذا الوصف يجوز أن توهب, وإنما ذكر الشيخ الكلب لأنه أبرز أمثلة الأعيان التي يجوز الانتفاع بها, ولا يجوز أن تباع, والمقصود بالكلب هنا كما صرّح الشيخ الكلب الذي يجوز أن يقتنى, فعرفنا من هذه العبارة أنّ الهبة أوسع من البيع, وأنّ أمرها أرحب، فإذا وهب الإنسان ما يجوز أن يباع أو ما يجوز أن ينتفع به وإن لم يجز أن يباع فهو صحيح. .
فصل
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(يجب التعديل في عطية أولاده بقدر إرثهم)
هذا فصل خصصه المؤلف لمسألة مهمة مفيدة, وهي وجوب التعديل في العطية بين الأولاد, ولذلك صدّر الشيخ الفصل بحكم هذه المسألة فقال يجب التعديل في عطية أولاده, يجب التعديل في عطية الأولاد, وإلى هذا ذهب الحنابلة وذهب أيضاً الإمام البخاري وذهب إليه الإمام ابن حزم, وأضاف أنّ هذا القول ينسب لجمهور السلف, هكذا يقول, أو يقول وهذا قول عامة السلف, استدل هؤلاء - رحمهم الله وغفر لهم - بأدلة:
الدليل الأول: وهو عمدة الباب أنّ النعمان بن بشير - رضي الله عنه - وهب ابنه هبة فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشهد على هبته فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - (أكُل ولدك أعطيته مثله)، فقال: لا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فلا إذاً)، وقال في لفظ آخر (أني لا أشهد على جور)، وقال في لفظ آخر (أطلب الشهادة من غيري)، أو (أشهد على هذا غيري)، وقال في لفظ (لا أشهد على غير الحق)، وهذا الحديث له ألفاظ من أكثر الأحاديث ألفاظ، إلاّ أنّ جميع الألفاظ تدل على المعنى المقصود, والحديث في الصحيحين.
وجه الاستدلال أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد وأنه سمّاه جور، وأنه سمّاه خلاف الحق, ومن المعلوم أنّ الجور, ظلم, والظلم محرم.