ومن هنا نقول لا يجوز له أن يحلبها بما يضر بولدها من هذا الباب انه يجب عليه هو نفقة الولد ونفقة الولد تتعين بأن يرضع من أمه.
فإن حلب من لبنها ما لا يضر ولدها بأن تمكن من إرضاع ولدها من بهيمة أخرى فهو جائز .. إذ الواجب على مالك الولد أن يكفله وان يطعمه.
ثم قال - رحمه الله -: (فإن عجز عن نفقتها اجبر على بيعها أو إجارتها أو ذبحها إن أكلت)
إذا عجز عن النفقة فإنه يجبر بأحد هذه الثلاثة أمور. وتعليل ذلك: أنه لو تركها بلا نفقة فإن في هذا هلاك البهيمة وهو محرم. فنخيره بين أن يبيع أو يؤجر أو يذبح إن كان الحيوان مما يؤكل , وإن كان مما لا يؤكل تعين إما البيع أو الإجارة. بهذا انتهى الباب المتعلق بالنفقات وننتقل إلى باب الحضانة.
[باب الحضانة]
قوله باب الحضانة. الحضانة مشتق في لغة العرب من الحضن وهو الجنب.
وأما في الشرع: فهو رعاية الطفل وحفظه والقيام عليه بما يصلحه. والحضانة واجبة إجماعا وممن حكى الإجماع ابن رشد.
ووجه الوجوب: أنه إذا كان يجب على الإنسان أن ينفق على من تحت يده فلأن يقوم بالحضانة والحفظ والرعاية من باب أولى.
ثم قال - رحمه الله -: (تجب لحفظ صغير ومعتوه ومجنون)
الحضانة تجب لهؤلاء وهم الصغير والمعتوه والمجنون لأن هؤلاء لا يتمكنون من رعاية أنفسهم. وفي تركهم بلا حضانة ورعاية هلاك لهم وضياع لمصالحهم.
وكما قلت إذا وجب على الولي أن ينفق فمن باب أولى أن يجب عليه الحضانة أي الرعاية والقيام على الطفل بما يصلحه. وقد ثبت بالتجربة أن ترك الطفل بلا حضانة مؤد في الغالب إلى ضياعه وهلاكه إما في بدنه أو في دينه. فلا شك في الوجوب إن شاء الله.
ثم قال - رحمه الله -: (والأحق بها أم)
لما قرر المؤلف وجوب الحضانة انتقل إلى الأحق بالحضانة عند التنازع , وترتيب الأحق بالحضانة فيه أقوال بين الفقهاء وصفها شيخ الإسلام بقوله (وفي الأقوال في ترتيب الحضانة من التناقض والتعارض ما لا يوجد في غير باب الحضانة من جنسه) فالأقوال في ترتيب من يجب له ومن يؤخر فيها من التعارض والتناقض والتداخل وعسر الترتيب وفهم التعليل ما جعل الشيخ يصفها بهذا الوصف وهو يعتبر أنها من أعظم الأبواب تعارضا يعني من جنسها.