بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
- قال - رحمه الله -:
باب دخول مكة.
تقدم معنا تقرير مذهب الحنابلة وأنه يجوز الخروج من مزدلفة بعد منتصف الليل، وأن من وصل إلى مزدلفة بعد منتصف الليل فلا دم عليه، وأما من خرج قبل المنتصف ولم يعد أو جاء بعد خروج الفجر فإن الدم يستقر عليه، هذا خلاصة مذهب الحنابلة. إذاً هذا التقسيم الذي ذكرته لك الآن ذكره المؤلف - رحمه الله - بنصه في المتن، ثم ذكرت لكم في الدرس السابق الأقوال في مسألة الخروج من مزدلفة ومذاهب الأئمة وهي:
= أن الحنابلة والشافعية يرون الجواز بعد منتصف الليل.
= وأن الأحناف يرون أن الوقوف يبدأ من بعد طلوع الفجر إلى قبيل طلوع الشمس وأن المالكية يكتفون بحط الرحل ثم بعد ذلك له أن يخرج من المزدلفة.
= وأن القول الرابع: أن الضعفة ومن في حكمهم لهم أن يخرجوا بعد غروب القمر والأقوياء لا يجوز لهم أن يخرجوا إلا بعد طلوع الشمس.
وتوقفنا عند هذا الحد.
وبقينا في الراجح: الراجح في هذه المسألة وهي مسألة كبيرة والحاجة إليها ماسة وكثيرة والذي يظهر من تتبع النصوص وفتاوى الصحابة أن الأقرب مذهب ابن المنذر وهو: التفريق بين الضعفة وغيرهم. وأخذ رجحان هذا القول من استخدام كلمة الترخيص في الأحاديث التي ذكرت والترخيص معناه نقل الحكم من العزيمة إلى الرخصة وهذا النقل نقل للضعفة بموجب الحديث وبقي الأقوياء على أصل الحكم وهو وجوب البقاء إلى طلوع الشمس.
على أني أريد أن أنبه إلى بعض المسائل:
ـ من خلال ذكر الأقوال عرفت أن الأئمة الأربعة في الجملة لا إشكال عندهم في الخروج بعد منتصف الليل. (الأئمة الأربعة إذا أردنا أن نستقرئ الأقوال تجد أن المحصلة أن الأئمة الأربعة كلهم لا إشكال عندهم في الخروج بعد منتصف الليل. هذا شيء.
ـ الشيء الثاني: أن القول الذي قلت أنه الراجح ذهب إليه نفر قليل من أهل العلم فهو اختيار ابن المنذر وظاهر عبارة ابن القيم وترجيحه واختاره نفر يسير من الفقهاء المتقدمين.