الثاني: أنّ القاعدة التي اتفق عليها الفقهاء كلهم أنّه لكل قاعدة شواذ واستثناءات فالحجام والكناس مستثنى من هذا وهذا وجهة نظر الحنابلة أنه مستثنى والحقيقة القول بأنه ساقط المروءة قول من وجهة نظري ساقط والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان في عهده الحلاق والحجام والكناس ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلاّ أنّ شهادة مثل هؤلاء غير مقبوله ثم في هذا إزراء بهؤلاء الناس وهم يؤدون خدمة جليلة للمسلمين فكيف نسقط مروءتهم بهذا الشكل ونتبع إسقاط المروءة إسقاط الشهادة.
يقول - رحمه الله - (ومتى زالت الموانع فبلغ الصبي وعقل المجنون وأسلم الكافر وتاب الفاسق قبلت شهادتهم)
تاب الفاسق نؤخرها. هؤلاء إذا زالت الموانع قبلت الشهادة لأنّ القاعدة أنّ المقتضي إذا وجد بلا مانع فعلى ما أدى فعله أو أدى نتيجته فمادام المقتضي موجود والمانع زال فإنّ نعمل بهذا المقتضي وهذا أمر واضح ولعل الشيخ ذكره ليرتب عليه قضية وتاب الفاسق إذ تاب الفاسق فإنه تقبل شهادته وهذا لا إشكال فيه والتوبة تحصل بشروط: الأول: الإقلاع عن الذنب. الثاني: الندم على وقوع الذنب , الثالث: العزم على عدم العود. الرابع: أداء الحقوق إذا كانت موجودة. وقبول توبة الفاسق لا إشكال فيها لكن اختلف الفقهاء هل يشترط لقبول توبة الفاسق أن يمضي وقت تعلم به توبته أو يقبل مباشرة فيه خلاف.
القول الأول: أنه يقبل مباشرة واستدلوا بأمرين: الأمر الأول: أنّ التوبة يمحى معها الذنب مباشرة يعني التوبة الصحيحة.
الثاني: أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
القول الثاني: أنه يشترط مضي مدة تعلم بها توبته واستدلوا على هذا بأنّ عمر - رضي الله عنه - لما ضرب صبيغا انتظر به سنة ثم كُلِم.
والراجح إن شاء الله أنّ هذا يختلف باختلاف التائب فإن كان مما ينبغي الانتظار به انتظر وإن كان ما يغلب على ظن الحاكم توبته قبل.
[باب موانع الشهادة وعدد الشهود]
لما بيّن الشروط انتقل إلى الموانع فقال - رحمه الله - (لا تقبل شهادة عمودي النسب بعضهم لبعض)