ـ أولاً: أن هذا الشرط لم يشترطه أحد من الفقهاء. بل الذين قالوا بالجواز قالوا: هو مطلقا. يعني: قرروا الجواز. وقرروا أنه جائز مطلقاً بدون شرط أو قيد.
ـ ثانياً: لأن النصوص التي استدل بها المجيزون تدل على مطلق الجواز. لأنهم يستدلوا بالعمومات والعمومات تدل على الجواز المطلق.
لكن مع ذلك نقول: ينبغي للإنسان أن لا يتعاطى عقد التورق إلا مع حاجة واضحة. لأنه حينئذ يقرب تماماً للجواز ولا يبقى في النفس شيء وتردد من منع هذا العقد.
وأما إذا أخذه تزيداً وتوسيعاً للتجارات فإنه يكون في النفس من جوازه شيء. وإن كان الراجح الجواز لكن تعلمون أنتم كما تقدم معنا مراراً أن المسائل الفقهية ليست أبداً على مستوى واحد من الوضوح وأن بعض المسائل يجزم الإنسان بأنها مباحة وجائزة وبعضها يتوقف فيها وبعضها تكون قريبة للجواز مع أن الإنسان ينبغي أن يحتاط وينبغي لطالب العلم أن يعلم ذلك وأن المسائل ليست على حد سواء وإنما المسائل على حد سواء عند العوام والجهَّال الذين عندهم المسائل قسمين فقط: حلال وحرام. هذا عند العوام. أما طالب العلم الذي يتعاطى النصوص يجب أن يعلم أن المسائل ليست على مستوى واحد وأن دلالات النصوص عليها تختلف فينبغي أن يتعامل معها على قدر دلالة النص على الجواز أو المنع.
[باب الخيار]
- ثم قال - رحمه الله -:
- باب الخيار.
الخيار في لغة العرب: اسم مصدر من الفعل اختار.
وأما في الاصطلاح فهو: طلب خير الأمرين بين الإمضاء والفسخ.
وهذا التعريف لا يتعلق فقط بالبيع بل في البيع وغيره.
فالخيار في الاصطلاح ولا أقصد في الاصطلاح الفقهي - في الاصطلاح العام العلمي هو هذا.: طلب خير الأمرين بين الفسخ والإمضاء.
والحنابلة في باب الخيار أبدعوا وحققوا وأجادوا حيث أثبتوا من أنواع الخيار ومن صفات أنواع الخيار ما لم يثبته كثير من الفقهاء.
فالإمام أحمد - رحمه الله - أخذ في هذا الباب بالآثار والنصوص والمعاني الصحيحة كما سيأتينا عند مناقشة كل نوع من أنواع الخيار.
- قال - رحمه الله -:
- وهو أقسام.
أقسام الخيار عند الحنابلة سبعة.
والتقسيم راجع لسبب الخيار فبحسب السبب تنقسم أنواع الخيار.