الحكم الثالث: أنّ ما أتلفه أهل العدل على أهل الظلم فإنه لا يضمن بالإجماع من الأموال والأنفس. وما كان باقيا بعينه لشخص معلوم فإنه يرد. ولهذا لما انتهت المعركة قال أمير المؤمنين علي لأهل الظلم الذين خرجوا عليه من وجد ماله فليأخذه وكان أحد أصحاب علي - رضي الله عنه - يطبخ في قدر لهذا الرجل فجاء ليأخذها , فقال لو تنتظر إلى أن ينضج الطعام فقط فضرب القدر وسكب ما فيه وأخذ القدر وذهب , وإنما كان ذلك بحزم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنّ كل من وجد ماله بعينه
فإنه يأخذه.
المسألة الثالثة: ما أفسده أهل البغي على المسلمين فهو لا يضمن على الصحيح. والدليل على هذا أنه لما وقعت الفتنة بين أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - - ورضي الله عنهم - لم ينقل قط أنّ أحدا من الذين دخلوا في القتال ضمن شيئا من المال أو من الدم
والقول الثاني: أنّ أهل الظلم يضمنون لأهل العدل ما أفسدوه عليهم ويضمنون الأنفس كذلك لأنهم ظالمون والأصل وجوب الضمان على من أتلف مال المسلم أو نفسه , والصحيح كما قلت إن شاء الله الأول لأنّ هذا مروي عن الصحابة فهذه الأحكام الثلاثة أو الأربعة هي التي أسقطها المؤلف وهي كما ترون هي ثمرة الحكم على قوم أنهم من البغاة أو من قطاع الطرق أو إلى آخره. تقدم معنا في قطاع الطرق أنهم يضمنون أو لا يضمنون؟ وإذا تابوا هل يضمنون؟ تقدم معنا أنّ ضمانهم دائما وأبدا ثابت. تابوا قبل القدرة أو لم يتوبوا قبل القدرة. وهذا فرق كبير بين قطاع الطرق وأهل البغي.
قال - رحمه الله - (وإن اقتتلت طائفتان لعصبية أو رياسة فهما ظالمتان وتضمن كل واحدة ما أتلفت على الأخرى)
إذا حصل قتال بين طائفتين ليس مع أحدهما الإمام وكان سبب القتال كما قال المؤلف عصبية أو رياسة فإنه لا تأتي معنا الأحكام السابقة من عدم الضمان من قبل الجهتين بل يجب الضمان على الجهتين وعلل الحنابلة هذا بأنّ هذا القتال لم يأذن فيه الشارع بل هو معصية وإذا كان الشارع لم يأذن به فإنّ الأصل فيمن أتلف مالا أو نفسا أن يضمنها ولهذا جعلوا الضمان عليهم وهذا صحيح إذا اقتتلت طائفتان.