مسألة / لم يذكر المؤلف ما إذا قذف جماعة إلاّ أنه يتصور وقوع الزنا منهم فإذا قذف جماعة يتصور وقوع الزنا منهم فإنه يحد لأنه يلحقهم العار بهذا القذف وهذه المسألة أولى من المسألة التي ذكرها المؤلف لأنه في المسألة الثانية إثبات حد القذف ونحن في باب حد القذف لكن يبقى النظر هل يحد بعدد أهل المجلس أو يحد مرة واحدة وهذا يختلف باختلاف القذف فإن قذف بألفاظ متعددة كل واحد من أهل المجلس فإنه يحد بعدد أهل المجلس لأنّ لكل واحد منهم حقا فله أن يستوفيه وإن قذف أهل المجلس بكلمة واحدة بأن قال أنتم زناة أو أنتم لوطية أو نحو هذه الألفاظ فإنه يحد حدا واحد. والدليل على هذا أنّ هذا اللفظ أوجب قذفا واحدا والله تعالى رتب على القذف الواحد حد واحد ولهذا يحد على هذه اللفظة مرة واحدة. إذا عرفنا الآن الحكم إذا قذف من يتصور منهم وإذا قذف من لا يتصور منهم ولكن هل يتصور الزنا من جماعة؟ جدا بأن تكون مجموعة معروفة بالفسق والفجور ومزاولة الأعمال المخلة بالآداب بكثرة فإذا قذفهم صار هذا متصور في حقهم ويرجع إلى رأي القاضي في مسألة هل يتصور وقوع الزنا من هذه المجموعة أو لا يتصور وقوع الزنا من هذه المجموعة.
قال - رحمه الله - (ويسقط حد القذف بالعفو ولا يستوفى بدون الطلب)
هذه المسألة تقدمت معنا وهي مسألة أنّ القذف حق من حقوق المقذوف لا يستوفى إلاّ بطلبه ويسقط بعفوه ولو وصل إلى الحاكم وكل هذه المسائل المترتبة على أنّ حد القذف حق للمقذوف وتقدمت معنا هذه المسألة وذكر الخلاف فيها وأنّ القول الثاني أنه حق لله لا يسقط إذا وصل الحاكم لأنه حد والحدود لا تسقط إذا وصلت إلى الحاكم.
[باب حد المسكر]
قوله باب حد المسكر: المسكر هو الشراب الذي ينشأ منه السكر. والسكر هو لذة ونشوة يغيب معها العقل المدرك حتى يصبح لا يعلم ما يقول وظاهر هذا التعريف من الفقهاء ليس خاصا بالحنابلة. ظاهر هذا التعريف أنّ السكر لا بد أن يشتمل على معنيين لذة ونشوة وطرب. والمعنى الثاني فقد للعقل , وهو كذلك إذ ليس في المسكرات شيء إلاّ وفيه المعنيان.
ثم - قال رحمه الله - (كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام)