للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ضابط للأشربة ودليله قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أسكر كثيره فقليله حرام. وفي هذا الحديث دليل للقاعدة المشهورة أنّ ما أدى إلى الحرام فهو حرام لأنّ المسكر القليل الذي لا يسكر يؤدي إلى الحرام وإن لم ينتج عنه هو بنفسه حرام والحرام هو ماذا.؟

السكر فإنّ الإنسان إذا شرب كمية قليلة لن يسكر والمحرم هو السكر ومع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ما أسكر كثيره فقليله حرام فدل هذا دلالة واضحة جدا لهذه القاعدة العظيمة التي نحن في مثل هذه الأوقات أحوج ما نكون إليها في تقرير كثير من المسائل لاسيما ما يتعلق بالمعاملات المعاصرة وما يتعلق بأشياء كثيرة ما يتعلق بزينة المرأة وكل شيء يتوسع فيه الناس نحتاج إلى هذه القاعدة فهذا الحديث دليل لهذه القاعدة. وفي الحديث دليل على أنّ جميع أنواع الخمر محرمة ففيه رد على الأحناف الذين يرون أنّ القليل الذي لا يسكر يكون محرما إذا كان من العنب فقط وإذا كان من غير العنب فلا يحرم إلاّ الكثير منه في هذا الحديث رد عليهم لأنه عام كل ما أسكر كثيره فقليله حرام سواء كان من العنب أو من غيره.

قال - رحمه الله - (وهو خمر من أي شيء كان)

يعني شراب كل شراب يسكر فهو خمر شرعا من أي شيء كان لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - كل مسكر خمر وكل خمر حرام

ولحديث أنس في الصحيح أنّ تحريم الخمر نزل والخمر يومئذ من البسر والتمر أي وليس من العنب إذا الحديث دال على أنّ كل أنواع الأشربة التي تسكر تسمى شرعا خمرا ويدل على هذا الاشتقاق اللغوي ما يشتق من التغطية وزوال العقل وهذا تشترك فيه الأشربة التي أصلها من العنب والتي أصلها من غيره مما يصنع منه الخمر كالشعير والتمر والبسر والزبيب وغيره إذا دل الحديث والمعنى على صحة مذاهب الجماهير أنّ الخمر هو الشراب المسكر من أي نوع كان.

<<  <  ج: ص:  >  >>