أي أنّ هذه المسائل الثلاث حكمها ما إذا استدان بلا إذن السيد , فتتعلق الجنايات والأروش والودائع برقبة العبد , ونفعل فيها كما فعلنا في المسألة السابقة تماماً , نخيِر السيد بين البيع والإفتداء على ماتقدم بنفس التفصيل تماماً , إذاً هذه المسائل الثلاث استيداعه وأرش جنايته وقيمة متلفه. حكمها حكم ماذا؟ حكم القروض التي تمت بلا إذن السيد. فالحكم متفق لما تقدم ذكره , وتقدم معنا أن قوله كا استيداعه مبني على أنّ الحنابلة يرون الوديعة مضمونة , وسيأتينا في باب الوديعة حكم ضمان الوديعة. وبهذا انتهينا من الحجر.
[باب الوكالة]
- يقول الشيخ - رحمه الله - باب الوكالة.
الوكالة في اللغة العربية /اسم من التوكيل , ولها في لغة العرب معنيان لاتخرج باقي الاشتقاقات عنهما في ما يظهر لي. الأول" الحفظ فالوكيل على الشيء هو الحفيظ.
والثاني" الإعتماد والتفويض. فتوكيل شخص لشخص ما هو في الحقيقة اعتماد وتفويض إليه بالأعمال. وهي مع الله من أعظم وأجل العبادات , بل نقل عن شيخ الإسلام أنه قال تأملت فلم أرى أنفع من طلب إعانة الله على عبادته. وهذا صحيح لأنه إذا طلب الإنسان إعانة الله على رضاه وعبادته حصل المقصود , وأماّ من العبد يعني الوكيل فهي برّ وإحسان.
وإن كانت بأجرة فهي بر وإحسان من الموكّل , وإن كانت بأجرة مع حاجة الوكيل والموكّل فلا بر ولا إحسان من الجميع كل واحد بحاجة الآخر.
وأما في الشرع /فهي استنابة جائز التصرف فيما يجوز فيه التوكيل , أو فيما تجوز فيه النيابة. وبعضهم يقول استنابة الغير وهو أخصر وأوضح. لكن استخدام كلمة جائز التصرف يعطي دلالة على أنّ الوكيل لابد أن يكون جائز التصرف.
وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع.
أماّ الكتاب فقوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها} [التوبة/٦٠] والعامل على الزكاة موكل سواء كان بأجرة أو مجاناً. وأماّ من السنة فأحاديث كثيرة أوضحها حديث عروة بن جعد - رضي الله عنه - في البخاري أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه ديناراً وأمره أن يشتري شاة. فهذا توكيل محض. وأماّ الإجماع فحكاه غير واحد من أهل العلم. وهو أنهم أجمعوا على مشروعيتها بالجملة.