والقول الثاني: أنه بعد الدخول ليس لها الفسخ، وإذا كنا نرجح فيما قبل الدخول أن ليس لها الفسخ ففيما بعد الدخول من باب أولى، أنه ليس لها الفسخ، لأنه بعد الدخول تستقر الحقوق أكثر منها قبل الدخول.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ولا يفسخه إلا حاكم)
أي أنه يجب أن يكون الفسخ على يد الحاكم، والدليل على هذا أن هذه المسألة محل اختلاف وتحتاج إلى اجتهاد، والحنابلة دائماً إذا كانت المسألة تحتاج إلى اجتهاد فإنه يرجع في الفسخ فيها إلى الحاكم، دفعاً للنزاع والشقاق.
والقول الثاني: أن لها الفسخ بمجرد الإعسار، وهذا القول ضعيف جداً، ويؤدي في الحقيقة إلى التلاعب والفوضى، لأنه ربما تزعم المرأة أنه أعسر بالمهر وتخرج وتقول فسخت النكاح أو النكاح انفسخ، ثم إذا سئل الزوج قال المهر موجود، ثم إذا رجعنا إلى الزوجة قالت ذكر لي أنه أعسر، ودخلنا في متاهة لها أول وليس لها آخر ومما يزيد الأمر سوءً لو ذهب المرأة وتزوجت، فلا بد في الحقيقة في مثل هذه المسائل من الحاكم، فيقوم القاضي بفسخ النكاح بناءً على ثبوت إعسار الزوج بالمهر.
وبهذا انتهى باب الصداق وننتقل إلى باب وليمة العرس
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
[(باب وليمة العرس)]
الوليمة اسم لما يصنع في النكاح خاصة، يعني اسم لدعوة النكاح خاصة.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(تسن)
أفادنا المؤلف أن حكم الوليمة سنة، والوليمة مشروعة بالإجماع، وهي عند الجمهور سنة، واستدلوا على سنيتها بأحاديث كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف:"أولم لو بشاة"، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على زينب بشاة صلى الله عليه وسلم، ومنها أنه النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسمن وإقط، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على بعض نسائه ولم تذكر في النص بمدّي شعير، وهذه الأحاديث كلها في الصحيح، ولهذا أجمع أهل العلم على أنه مشروع، وذهب الجمهور إلى أنه مسنون.