للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قيل بقول ثالث أنه ليس للعبد إلاّ أن يقتص أو يعفو على مال إلاّ إذا كان العفو على مال يدخل الضرر على السيد فحينئذ ليس له أن يأخذ حقه. صورة هذه المسألة أن يكون العبد باهظ الثمن جدا ثم يقذف فإذا قذف إذا عفا العبد على مال ربما تتطرق إليه الشك وهذا الشك ينقص من قيمته كثيرا وربما كان النقص من قيمته أكثر بكثير من الدية التي عفا عنها وحينئذ دخل ضرر عظيم على السيد فمن مصلحة السيد أن يقتص وأن يأخذ حقه وأن نجلد القاذف ليتبيّن للناس أنه كاذب فتبقى قيمة العبد كما هي وهذا القول يتوافق مع اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية من حيث حفظ حق السيد.

قال - رحمه الله - (فإن مات فلسيده)

أي إذا مات العبد فإن الحق ينتقل إلى سيده والسبب في هذا أنّ حقوق العبد تنتقل بموته إلى السيد المادية والمعنوية كحق القذف ينتقل إلى سيده فله أن يأخذ حقه أو يعفو مجانا أو إلى عوض.

[باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس]

قوله باب ما يوجب القصاص فيما دون النفس المؤلف يريد بهذا التبويب أن يبّن أنّ القصاص كما يكون في الجناية على النفس يكون كذلك في الجناية على مادون النفس القصاص فيهما يكون على ما في النفس وما دون النفس وهذا مراده والتفصيل القادم كله يدور حول هذا المعنى.

قال - رحمه الله - (من أقيد بأحد في النفس أقيد به في الطرف والجراح ومن لا فلا)

القاعدة [أنه من لا يجري بينهما قصاص في النفس لا يجري بينهما قصاص فيما دون النفس] فإذا قطع مسلم يد كافر فإناّ لا نقطع يد المسلم لأنه لا قصاص بينهما في النفس فلا قصاص بينهما فيما دون النفس فهذا الكلام من المؤلف يقرر هذه القاعدة.

قال - رحمه الله - (ولا يجب إلا بما يوجب القود في النفس)

يريد المؤلف الإشارة إلى أنّ التفصيل السابق معنا في العمد والخطأ وشبه العمد كذلك يأتي فيما دون النفس فمثلا الاعتداء على ما دون النفس خطأ لا يوجب القصاص كما أنه لا يوجبه في النفس ويأتي معنا الخلاف بين الجمهور والمالكية في إثبات شبه العمد أو نفيه فما قيل من التقسيم هناك نفسه هنا إلاّ أنه هناك في النفس وهنا فيما دون النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>