وهذا أيضاً سنة عند الحنابلة والدليل:
أنه في حديث عبد الله بن زيد - في رواية خارج الصحيح أنه - رحمه الله - (أخذ ماء جديداً لأذنيه).
وهذه الرواية شاذة والشاذ من أقسام الحديث الضعيف ولذلك الرواية الثانية عن الإمام أحمد أنه لا يسن أن يأخذ الإنسان ماءً جديداً لأذنيه.
واختار هذه الرواية الشيخ وجده وتلميذه واختارها صاحب الفائق - وهو ابن قاضي الجبل.
فاختار هذه الرواية عدد من المحققين.
ونقصد بالشيخ: شيخ الاسلام ابن تيمية: وبجده: نقصد المجد صاحب المنتقى ونقصد بتلميذه: ابن قيم الجوزية.
فكل هؤلاء اختاروا أن هذا لا يسن لأن الأحاديث الصحيحة ليس فيها أخذ ماء جديد للأذنين.
• ثم قال - رحمه الله -:
والغسلة الثانية والثالثة.
يسن للمتوضيء أن يغسل ثانية وثالثة في وضوئه.
وظاهر كلام المؤلف أن الغسلة الثانية والثالثة سنة دائماً - أي يسن للإنسان في كل وضوء أن يغسل ثانية أو ثالثة.
والصواب الذي رجحه ابن القيم - رحمه الله - تعالى أن السنة أن يتوضأ الإنسان أحياناً مرةً مرة وأحياناً مرتين مرتين وأحياناً ثلاثاً وأحياناً ثلاثاًَ ومرتين وواحدة.
فصارت الصفات أربعة.
إذاً فليست السنة المداومة على الغسلة الثانية والثالثة ولكن السنة هي هذا التفاوت كما جاءت الأحاديث بذلك.
ويسن إذا أراد الإنسان أن يفاوت - بأن يغسل بعض الأعضاء مرة وبعضها أكثر - يسن له أن يجعل للوجه ثلاثاً ولليدين مرتين وللرجلين مرة لأن هذا الذي جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولكن لو أراد أن يجعل للوجه مرتين ولليدين ثلاثاً وللرجلين مرتين - فيوفاوت بأي طريقة فإن هذا أيضاً سنة لأن السنة هي المفاوتة بحد ذاتها.
وبهذا انتهى الكلام عن سنن الوضوء وسنن الفطرة ((لعلها السواك)) ثم انتقل - رحمه الله - إلى فرائض الوضوء وصفته.
[باب فروض الوضوء وصفته]
في هذا الباب سيذكر المؤلف الفروض ولن يتطرق للتفصيلات الأخرى ككيفية الوضوء الكامل وحدود أعضاء الوضوء وأشياء أخرى إنما سيبين فقط الفروض ثم بعد ذلك ينتقل إلى التفصيلات الأخرى.
• قال - رحمه الله -:
باب فروض.
الفرض في لغة العرب هو: التأثير في الشيء سواء كان بقطع أو بحز أو بأي شيء آخر.
الأصل أن الفرض في اللغة هو التأثير في الشيء لا كما يقول البعض بأن الفرض هو القطع فهذا من معانيه في اللغة.