يريد المؤلف أن يبيّن أنّ الحنابلة يشترطون أن يكون الاعتراف في مجلس واحد لكن لا يشترط أن يأتوا إلى هذا المجلس دفعة واحدة بل لو جاءوا متفرقين بأن جاء الأول ثم جاء بعد مدة الثاني , ثم جاء بعد مدة الباقون فهم الآن شهدوا في مجلس واحد فلا يشترط المجيء دفعة واحدة إلى مجلس الحكم والدليل على هذا أنه لا يوجد دليل من السنة يشترط أن يأتوا إليه أي إلى مجلس الحكم دفعة واحدة.
قال - رحمه الله - (وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد لم تحد بمجرد ذلك)
أراد المؤلف أن يشير إلى أنّ إثبات جريمة الزنا لا تكون إلاّ بطريقين , الإقرار أو الشهادة وأنّ مجرد الحمل لا يدل على وقوع الزنا واستدل الحنابلة على هذا بأدلة: الدليل الأول" أنّ امرأة زنت وحملت في عهد علي - رضي الله عنه - ولم يقم عليها الحد حتى اعترفت.
وفي هذا دليل على أنّ علي - رضي الله عنه - لم يعتبر الحمل بيّنة بحد ذاته.
الثاني: أنّ امرأة عابدة صالحة حملت فلما جيء بها إلى عمر - رضي الله عنه - قالت إنما كنت ساجدة فتغشاني البعير وأكرهني. يعني أنها مكرهة فلم يقم عليها الحد.
القول الثاني: أنّ الحمل قرينة وعلامة على الزنا وأنّ الحامل التي لا زوج لها يقام عليها الحد واستدلوا على هذا بما صح عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الرجم حق ثابت على المحصن إذا زنا إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف.
الدليل الثاني: أنها لن تحمل إلاّ بعد الزنا لأنّا نفترض أن لا زوج لها.
القول الثالث: أنّ الحامل إذا ادعت شبهة لم يقم عليها الحد وإذا لم تدعي شبهة أقيم عليها الحد واستدل أصحاب هذا القول بالجمع بين الآثار المروية عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فإنه تارة يرى إقامة الحد وتارة لم يقم الحد فالجمع بين هذه الآثار هو هذا القول الثالث والراجح إن شاء الله هو القول الثالث. لكن لا يخفاكم أنّ القول الثالث من حيث الحصيلة والنتيجة يشبه أي الأقوال؟ الأول لماذا؟ لأنها لو كانت تدرأ عن نفسها حد الحمل لا اعترفت. لما لم تعترف وأنكرت فإنه بدهي أنها ستأتي بشبهة بلا شك على كل حال هذا القول الثالث هو الراجح إن شاء الله.