وبهذا عرفنا أن شركة المفاوضة تنقسم إلى قسمين وان القسم الأول منها صحيح وأن القسم الثاني منها باطل.
[باب المساقاة]
- قال - رحمه الله -:
- باب المساقاة.
المساقاة في لغة العرب: مشتقة من السقي.
وسميت هذه المعاملة بهذا الاسم لأن أشق أعمال المساقي في الحجاز السقي لكثرة حاجة الشجر إلى الماء وصعوبة تحصيل الماء.
وهذا المعنى يختص بالحجار.
وفي غيره من الأماكن قد لا يكون سقي الشجر هو أصعب الأعمال. قد يكون هو أسهل الأعمال وفي صور كثيرة لا يسقس أصلاً وإنمات يتكفل المطر بسقي النبات ويكون عمله في جانب آخر.
وهذا لا يعنينا في الأحكام الشرعية ولكن نحن نتحدث الآن من الاشتقاق وأن هذا الاشتقاق شيء أو معنى يختص بأهل الحجاز.
- يقول - رحمه الله -:
- باب المساقاة.
المساقاة هي: دفع شجر لمن يقوم عليه بجزء من الثمر.
وله صور ولكن هذا معناه العام.
إذاً صورة المساقاة - حتى تتصور هذه المعاملة قبل أن ندخل في الأحكام - هي أن يعطي الإنسان الذي يملك البستان الشجر كالنخل - مثلاً - إلى شخص آخر ليقوم هذا الشخص بسقي النخل والقيام عليه ومراعاته وإصلاحه إلى أن يثمر فتكون الثمرة بينهما حسب الاتفاق.
يعني: بجزء من الثمر متفق عليه.
إذاً هذه هي المساقاة وما زال الناس من القديم إلى يومنا هذا يعملون بها وإن كانت في هذه الأيام خفت باعتبار أن الإنسان أصبح يستطيع أن يستأجر عمالاً بدل أن يساقي على جزء من الثمرة.
لكن في القديم كانت الحاجة إليها ماسة جداً وعمل الناس عليها كثير.
- يقول - رحمه الله -:
- تصح.
أفادنا المؤلف - رحمه الله - أن المساقاة صحيحة وجائزة ومشروعة.
وإلى هذا ذهب الجماهير من السلف والتابعين وتابعوهم والفقهاء السبعة وعامة علماء الأمة. بل حكي إجماعاً. على أنها معاملة مشروعة صحيحة.
واستدلوا - رحمهم الله -:
- بما ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع.
واستدلوا أيضاً:
- بأن الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - عملوا بها. وكذلك عامة الصحابة.
واستدلوا على هذا الحكم:
- بأن الحاجة تدعو إليها.