الطيب محل إجماع كما قلت لك. قوله (والتحسين) المقصود بالتحسين كالمواد التي تسبب تبييض الوجه , قوله (والحناء) الحناء معروف ويتخذ للزينة لتجميل البدن في اليد أو في الرجل , قوله (وما صبغ بالزينة) يعني من الثياب. هذه المذكورات مستفادة من الحديث.
ثم - قال رحمه الله - (وحلي)
الحلي كذلك من الأشياء التي يجب على المرأة أن تجتنبها , وذهب إلى هذا الحنابلة والأئمة الأربعة بل حكي إجماعا , واستدلوا على هذا بدليلين: الأول" أنّ في حديث أم سلمة - رضي الله عنها - أنه أمر المحد أن تجتنب الحلي) وزيادة الحلي محل خلاف بين العلماء تصحيحا وتضعيفا. فممن ضعفها ابن حزم وصححها عدد من المحققين. والذي يظهر لي أنّ هذا اللفظ صحيح وثابت.
الدليل الثاني: أنّ الحلي من الزينة وقد أشار حديث أم سلمة أنّ جنس الزينة تمنع عنه المحدة.
القول الثاني: أنّ الحلي مباح وإلى هذا ذهب ابن حزم - رحمه الله - واستدل على أنه ليس في الكتاب ولا في السنة ما يمنع المحدة من أن تلبس الحلي وقوله فيه ظاهرية وجمود , والحلي من أعظم ما تتزين به المرأة وإذا منعت من الكحل والطيب والثوب المصبوغ وهي أقل من الحلي فلئن تمنع من الحلي من باب أولى ولهذا نقول أنّ هذا القول الأول الذي حكي إجماعا هو الراجح إن شاء الله.
ثم - قال رحمه الله - (وكحل أسود)
الكحل لم يختلفوا في المنع منه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تكتحل. فأمره ظاهر إنما وقع الخلاف بين الفقهاء فيما إذا احتاجت المحدة إلى الكحل ضرورة , اختلفوا في هذه المسألة على قولين القول الأول: وهو المذهب بل هو مذهب الأئمة الأربعة أنه يجوز للمرأة أن تكتحل عند الضرورة. واستدلوا على هذا بأمرين: الأول: أنّ أم سلمة رضي الله عنها كانت تفتي بهذا يعني بجواز الكحل للضرورة مع أنها هي التي روت حديث أحكام الإحداد.
الثاني: حديث لأم سلمة آخر فيه أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الكحل وأذن به في الليل للضرورة , والأقرب والله أعلم أنّ هذا الحديث ضعيف.