مسألة / إذا حضر الغائب فهو على حججه وبيّناته وقوادحه ولا تعتبر القضية منتهية فإذا حضر وجاء مجلس الحكم وبيّن قوادح وحجج توهن دعوى المدعي فإنّه يأخذ بها ولا يعني الحكم غيابيا أنّ القضية انتهت.
ثم - قال رحمه الله - (وإن ادعى على حاضر بالبلد غائب عن مجلس الحكم وأتى ببيّنة لم تسمع الدعوى ولا البيّنة)
إذا ادعى على من يمكن أن يأتي إلى مجلس الحكم فإنّ الدعوى لا تسمع وأيضا لا تسمع البيّنة فلا تسمع الدعوى ولا البيّنة وهذا واضح جدا ودليلهم أنّ المدعى عليه موجود ويمكن أن يسمع منه فلا يسوغ مطلقا على من يتمكن من القاضي من السماع منه واستدلوا أيضا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي لا تحكم حتى تسمع من الآخر. وهذا الأثر سواء كان صحيح أو ضعيف فلا إشكال مطلقا في صحته وأنّ جميع أصول الشرع تدل عليه فمثل هذا الأثر يسوغ في الحقيقة الاستدلال به أو بأصله صح أو لم يصح.
[باب كتاب القاضي إلى القاضي]
الأصل في مشروعية كتاب القاضي إلى القاضي , الكتاب والسنة والإجماع.
فالكتاب قوله تعالى {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}[النمل/٣٠]
وأما السنة فأكثر من أن يحصر فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كاتب كسرى وقيصر والنجاشي وملوك العرب والعجم وأرسل الولاة بكتبه مما لا يجعل مجال للشك في مشروعية كتاب القاضي إلى القاضي فإن قيل هذا كتاب والي إلى ملك وليس كتاب قاضي إلى قاضي. فالجواب أنّ الشرع إذا أجاز كتابة الوالي إلى الوالي وهي أعظم فكتابة القاضي إلى القاضي من باب أولى وهذا صحيح بلا إشكال واستدلوا على مشروعيتها بأنّ الحاجة ماسة إليها فإنه دائما ما يحتاج القاضي أن يكتب ببيّنة أو بالحكم إلى قاض آخر.
قال - رحمه الله - مبيّنا نطاق كتاب القاضي إلى القاضي.
قال - رحمه الله - (يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق حتى القذف لا في حدود الله كحد الزنا ونحوه)
الدعوى أو المدعى به ينقسم إلى ثلاثة أقسام: - القسم الأول: أن يكون أموال. فإذا كان أموالا فإنه يصح فيه كتاب القاضي إلى القاضي بالإجماع.