المقصود بالغائب هنا المسافر مسافة القصر والواقع أنّ المؤلف يريد بالغائب هنا كل من أبى الحضور إلى مجلس الحكم فهذا الحكم يتناول كل شخص أبى الحضور إلى مجلس الحكم سواء كان مسافر مسافة قصر أو موجود في البلد ومختفي أو موجود في البلد ولم يختفي لكنه من القوة بحيث يأبى الحضور إلى مجلس الحكم المهم الضابط هو أنه كل من لم يحضر إلى مجلس الحكم معاندة أو سفرا فالحنابلة يرون أنه يحكم عليه واستدلوا على هذا بأمور: الأمر الأول" قصة هند بنت عتبة فإنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم لها غيابيا فإنّ الزوج لم يحضر - رضي الله عنه -
الثاني: أنّ الامتناع عن الحكم في مثل هذه الصور يؤدي إلى ضياع الحقوق وتقدم معنا الجواب عن حديث هند وأنه فتوى وليس بحكم قضائي.
القول الثاني: أنه لا يحكم على غائب واستدل هؤلاء بأنّ الغائب ربما ملك قادحا في بيّنة المدعي فلا يستقيم مع هذا الحكم عليه مع غيابه يعني والترجيح في هذه المسألة محل إشكال ولكن الأقرب أنه يرجع إلى القاضي فإذا علم أنّ الإنسان مسافر سفرا بعيدا لا بقصد التهرب عن مجلس الحكم فإنه لا يسوغ أبدا أن يحكم عليه غيابيا. وإذا عرف أنه متلاعب ويتأخر فإنّ الحكم الغيابي من أعظم الأمور ردعا للمتلاعبين لأنه يستطيع أنه يغيب عن مجلس الحكم وهذا الغياب يكلف المدعي ما يزيد على أربعة أشهر أو خمسة أشهر بالنظر إلى المواعيد إذا هذا نوع من التلاعب وتأجيل الحقوق فالقول بالحكم مطلقا أو عدمه مطلقا محل نظر والواجب أنه يرجع إلى رأي القاضي.
مسألة / على القول بأنه يحكم له هل نسلم المدعي العين أو تبقى العين إلى حضور المدعى عليه فيه خلاف من الفقهاء من قال تسلم له ومنهم من قال لا تسلم له والصواب أنها تسلم له ولكن بكفيل يضمن إرجاع العين في حال تبيّن عدم صحة ما قاله المدعي وهذا اختيار المرداوي وهو لا شك قول قوي لأنّ المنع من تسليم العين يجعل الحكم غيابيا لا فائدة منه لأنه إذا قلت له احكم ولكن العين لم نسلمك
ما صار في الحكم فائدة وتسليمها إياه مع عدم سماع بيّنة المدعى عليه فيه نوع من الاستعجال. فالوسط أن يسلمها له ولكن نطلب منه كفيل بإحضار العين.