وبهذا تجتمع النصوص: لأن الأصل في عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يأخذ الزكاة إلا عن كل حول بحوله ولكن وجدناه مرة أخذ واستسلف حولين فدل على أنه يرجع للمصلحة ولا نقول أنه كطلقاً لا يستحب فكأنا نحكم على عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يستحب.
[باب أهل الزكاة]
• ثم قال - رحمه الله -:
باب أهل الزكاة.
مقصود المؤلف - رحمه الله - بهذا الباب بيان من يجوز أن تصرف لهم الزكاة وما يتعلق بهذا من تفصيلات.
• قال - رحمه الله -:
ثمانية.
مقصود المؤلف - رحمه الله - بقوله: ثمانية. أي: ولا يجوز أن تصرف لغيرهم مهما بلغت الجهة المصروف إليها من الفضل والإغراق في العبادة.
فلا يجوز في بناء المساجد ولا في طباعة المصاحف ولا في شق الطرق ولا في إقامة الجسور ولا في أي عمل مهما بلغ من الفضل إلا في هؤلاء الثمانية.
الدليل على ذلك:
- أن الله سبحانه وتعالى قال: {إنما الصدقات للفقراء ... }. وإنما: عند الأصوليين جميعاً تقتضي الحصر. ومعنى الحصر عند الأصوليين: إثبات الحكم فيمن ذكر ونفيه عما عداه.
فالآية أثبتت الحكم وهو جواز دفع الزكاة في الأصناف الثمانية ونفته عما عداهم.
وحصر الزكاة في الأصناف الثمانية محل إجماع فلم يخالف فيه إلا الحسن - رحمه الله - فجوز إعطاء الزكاة في الطرق والجسور. ولكن لم يوافقه - رحمه الله - العلماء على هذا ورأوا انحصار الزكاة في الأصناف الثمانية.
لكن هذه الفتوى عن الحسن تفيد طالب العلم مقدار فضل بناء الجسور أو تعبيد الطرق وأنه من العبادات المهمة في الإسلام مما جعل الحسن يدخل هذه العبادة في أصناف الزكاة.
والصحيح والراجح خلاف قوله - رحمه الله - لكن مع ذلك يدل على أن هذا من أعظم الطاعات.
•
ثم قال - رحمه الله -:
(١) الفقراء: وهم من لا يجدون شيئاً أو يجدون بعض الكفاية (٢) والمساكين: يجدون أكثرها أو نصفها.
في مسألة الفقراء والمساكين عدة مسائل:
- المسألة الأولى: أن الفقراء والمساكين صنفان في باب الزكاة وصنف واحد في غيره من الأبواب.
- المسألة االثانية: أن الفقير على الصحيح أشد حاجة من المسكين. لأن الله بدأ به ولا يبدأ سبحانه وتعالى إلا بالأهم.