يعني والشرط الثاني للاستثناء أن يكون الاستثناء بنية سابقة , فإن تكلم بالكلام ولم ينوي الاستثناء ثم عرض له أن يستثني فإنّ الاستثناء لا يصح , وهذا مذهب الحنابلة.
القول الثاني: في هذه المسألة أنّ الاستثناء يصح ولو لم يكن في ذهن المتكلم وإنما عرض له عرضاً أثناء الكلام , واستدلوا بدليلين:
الدليل الأول: ما جاء في الحديث الصحيح أنّ نبي الله سليمان - صلى الله عليه وسلم - قال (لأطوفن الليلة على مائة امرأة تلد منهما مجاهداً في سبيل الله , فقال له أحدهم - وفي رواية فقال له الملَك - قل إن شاء الله , فلم يقل إن شاء الله.
وجه الاستدلال بهذا الحديث أنه لما قال الملَك لسليمان عليه السلام قل إن شاء الله , دل هذا على أنه لو قال إن شاء الله لنفعه.
مع العلم أنه لم يكن في ذهن سليمان أن يقول إن شاء الله , وهذا أيضاً نص في المسألة وهو نص في أنه يجوز الاستثناء وإن لم ينوي عند التحدث بالكلام.
الدليل الثاني: حديث الإذخر الذي تقدم معنا , فإنه قطعاً لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - في نيته أن يستثني الإذخر وإنما استثناه بطلب العباس - رضي الله عنه - ومع هذا صح الاستثناء وصار يجوز للإنسان وإن كان في مكة أن يأخذ الإذخر وينتفع منه. فهذان دليلان من السنة يدلان على أنه لا يشترط أن يكون الإنسان ناوي أن يستثني. بل الغالب أنّ الإنسان إذا استثنى لا يكون في ذهنه أن يستثني أليس كذلك؟ لأنه لو كان في ذهنه أن يستثني لاستثنى من الأصل.
إذا هذا هو القول الراجح إن شاء الله وهو القول الثاني
وبهذا نكون انتهينا من الفصل المتعلق بالاستثناء.
* باب الطلاق في الماضي والمستقبل *
معنى باب الطلاق في الماضي والمستقبل: أيّ تقييد الطلاق في الوقت الماضي أو تقييده بالوقت المستقبل. والمعنى ما حكم الطلاق إذا قيّد بوقت ماضي. أو بوقت مستقبل.