وبهذا انتهينا من الباب الأول وننتقل إلى الباب الثاني.
[باب الموصى له]
قال - رحمه الله -:
باب الموصى له.
يعني: باب يذكر فيه أحكام الموصى له.
يقول - رحمه الله -:
تصح: لمن يصح تملكه.
فكل من يصح أن يتملك من رجل أو امرأة مسلم أو كافر يجوز أن نوصي له.
إلا أنه إذا كان من المسلمين فيجوز أن نوصي له معيناً كأن نقول أوصيت لزيد وغير معين كأن أقول أوصيت لفقراء المسلمين.
وإن كان من الكافرين فلا يجوز إلا أن أوصي إليه معيناً ولا يجوز أن أوصي إليه غير معين فلا يجوز أن أقول أوصيت للمساكين من النصارى أو للفقراء من اليهود أو أوصيت لليهود والنصارى فهذه الوصايا باطلة ولا تجوز.
الدليل على جواز الوصية للكافر المعين:
- قوله تعالى: { ... إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا .. } [الأحزاب/٦] والسلف رحمهم الله فسروا الآية بأن يوصي المسلم لليهودي.
وظاهر كلام الحنابلة أنه يجوز أن يوصي للكافر المعين ولو كان حربياً أو مناوئاً.
هذا ظاهر كلام الحنابلة والصواب المقطوع به إن شاء الله أنه لا يجوز أن يوصي لكل كافر مناوئ سواء كان حربي أو مناوئ فقط أو معاون لأن في الوصية له إعانه على المنكر وتقوية لجانبه على المسلمين.
فإذاً يجوز أن نوصي للكافر غير الحربي والمناوئ كالذمي والمستأمن وكل كافر كعين لم يناوئ ولم يحارب المسلمين.
يقول - رحمه الله -:
ولعبده بمشاع كثلثه. ويعتق منه بقدره ويأخذ الفاضل.
يجوز للإنسان أن يوص لعبده لكن يشترط لصحة الوصية أن يوصي لعبده بمشاع لا بمعين.
فإذا قال: أوصيت لعبدي بثلثي أو بربعي أو بخمسي صحت الوصية للعبد. ويعتق العبد من هذه الوصية.
وحينئذ إما أن يكون ثلث المال بمقدار قيمة العبد فيعتق كله أو أن يكون ثلث المال أقل من قيمة العبد فيعتق بمقداره هذا معنى قوله: (ويعتق بمقداره).
أو تكون قيمة الثلث أكثر من قيمة العبد فيعتق والفاضل له وهذا معنى قوله: (والفاضل له).
إذاً: الثلث الموصى به للعبد كله للعبد عتق منه ما يعتق وهو ما يقابل القيمة والباقي للعبد وإن نقصت صار رقاً بقدر هذا النقص.
والدليل على هذا:
- أن العبد هو جزء من ثلث المال الموصى به فهو داخل في الثلث فيعتق.