الدرس: (١) من الجنايات
قال شيخنا حفظه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
[كتاب الجنايات]
الجناية في لغة العرب: هي الذنب الذي يؤاخذ عليه الإنسان بين قومه أو عند الله , فلا تطلق الجناية في اللغة على أي ذنب , وإنما على الذنب الذي إذا ارتكبه الإنسان صار محط لوم وتعنيف من قومه.
والأصل في الجناية أنها تطلق على كل اعتداء وإضرار في النفس أو غيرها كالأموال , لكن الفقهاء اصطلحوا على قصر تسمية الجنايات على الاعتداء على النفس فقط وصاروا يسمون الاعتداء على الأموال سرقة وغصبا ونحو ذلك. فالجناية يختص بالاعتداء على النفس في عرف الفقهاء. ولا يعمم عند الفقهاء فلا يطلق على الجناية على الأموال وبهذا عرفنا معنى الجناية في اللغة وفي الشرع.
ثم - قال رحمه الله - (وهي عمد يختص القود به بشرط القصد)
بدأ المؤلف بالكلام عن أنواع القتل ولم يتطرق إلى حكم القتل لأن حكم القتل معلوم من الدين بالضرورة فالقتل محرم بالكتاب والسنة والإجماع ولم يختلف فيه أحد بل هو محرم في جميع الشرائع , ولعله لهذا لم يتطرق إليه المؤلف - رحمه الله -.
والأدلة على تحرينه كثيرة كقوله تعالى {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق} [النساء/٢٩]
وكقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزان والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة) وأما الإجماع فهو معلوم بالضرورة من كلام أهل العلم قاطبة انه محرم.
وقول الشيخ رحمه الله (وهي) أي والجناية على النفس تنقسم إلى ثلاثة أقسام سيذكرها إجمالا ثم يذكرها رحمه الله تعالى تفصيلا.
ثم - قال رحمه الله - (وهي عمد يختص القود به بشرط القصد وشبه عمد وخطأ)
إذا الجناية على النفس ثلاثة أنواع عمد وشبه عمد وخطأ. إلى هذا التقسيم ذهب الجماهير فاعتبروا القتل ينقسم إلى هذه الثلاثة أنواع في الجملة.
واستدل الجمهور بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (ألا إن دية القتل الخطأ شبه العمد مائة من الإبل في بطونها أولادها) وقال في الحديث قتيل العصا والسوط. فدل هذا الحديث على قسم ثالث وهو شبه العمد.
والقول الثاني: أنه لا يوجد إلا عمد وخطأ. ولا يوجد شيء اسمه شبه عمد وهو مذهب المالكية. واستدل المالكية على هذا أن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه نوعين من الجناية على النفس الخطأ والعمد
الجواب على هذا: أن القران ذكر قسمين وأضافت السنة قسما ثالثا ..