الدليل الثاني: أنّ عمر - رضي الله عنه - كان إذا أوتي بالرجل وقع الشرب منه زلة جلده أربعين , وإذا أوتي بالرجل المنهمك جلده ثمانين ولو كان حدا لم يختلف من شخص لآخر وهذا القول اختاره ابن القيم.
القول الثالث: أنّ شرب الخمر لا حد فيه وأنه تعزير كله يرجع فيه إلى رأي الإمام واستدلوا على هذا بأمرين:
الأول: روي عن ابن عباس أنه قال لم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخمر حدا.
الثاني: أنه جاء في الحديث الصحيح أنّ رجلا شرب الخمر في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فجلدوه بالنعال والجريد وأطراف الثياب والأيدي وهذا ليس حدا وإنما تعزيرا.
والجواب عليه: أنّ في هذا الحديث الذي فيه الجلد بالنعال والأيدي وأطراف الثياب أنه ضربوه أربعين ضربة , فأثبت في الحديث العدد
والراجح القول الثاني وإن كان العمل على المذهب. أنّ الحد ثمانون جلدة لا ينقص منها وفي الواقع لا فرق من حيث الواقع وبين القول الثاني والراجح لماذا؟ لأنّ عمر إنما زاده لانهماك الناس والناس ما زالوا منهمكين فإذا سيستمر الحد ثمانون جلدة وإنما يتضح الخلاف فيما إذا صار شرب الخمر قليلا يقع في النادر حينئذ يكون للخلاف ثمرة في الواقع.
ثم - قال رحمه الله - (وأربعون مع الرق)
لما تقدم في الزنا والقذف وإذا كان ينصف في الزنا والقذف وهي أعظم من الشرب ففي الشرب من باب أولى.
[باب التعزير]
قوله - رحمه الله - باب التعزير
التعزير في اللغة هو الرد والمنع. وقيل إنّ التعزير من الأضداد فهو يطلق على النصرة ويطلق في نفس الوقت على التأديب أي أنّ معنى النصرة ومعنى التأديب معان أصلية في لغة العرب لهذا اللفظ.
وأما في الاصطلاح / فذكره المؤلف بقوله وهو التأديب , قوله وهو التأديب فيه نقص ولو قال وهو التأديب في المعصية لا حد فيها ولا كفارة لكان تعريفا أوضح وهذا التعريف الثاني اختاره الشيخ المجد في المحرر وهو تعريف محرر إذا التعزير هو التأديب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة , والمؤلف جعل تعريف الشيخ ابن مفلح كأنه من الأحكام ولهذا يقول وهو واجب في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة والواقع أنّ هذا هو التعريف.
قوله - رحمه الله - (وهو واجب)