ومقصود المؤلف بهذا يعني بعد العقد إذا علمت به بعد العقد أو حدث العيب بعد العقد فإنه ليس للولي أن يجبر المرأة على الفسخ، بل يصبح حقاً خاصاً بالمرأة، والسبب في هذا أن القاعدة المشهورة أن الاستدامة أقوى من الابتداء، هذا من جهة ومن جهة أخرى القاعدة أيضاً أن الولي له حق في الابتداء دون الاستدامة، وهذه المسألة قال عنها الشيخ المرداوي بلا نزاع، فليس للولي إذا رضيت المرأة بعد العقد بحدوث العيب أن يجبرها على الفسخ.
بهذا انتهى هذا الباب ننتقل للباب الذي يليه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
[باب نكاح الكفار حكمه كنكاح المسلمين]
يريد المؤلف أن يبين حكم الأنكحة التي تجري بين الكفار، ووضع الشيخ رحمه الله قاعدة لهذا وهي أن حكم نكاح الكفار كنكاح المسلمين، يعنى أنه صحيح وليس بفاسد، وإذا كان صحيحاً ترتبت عليه الآثار التي تترتب على النكاح الصحيح، فتجب القسمة فيه ويجب المهر ويقع الطلاق والخلع والظهار والإيلاء وإن طلقها ثلاثاً فلا تحل له إلا بعد زوج آخر، تترتب عليه الآثار التي تترتب على النكاح الصحيح، وذلك لأنا حكمنا على أنكحتهم بأنها أنكحة صحيحة، ومقصود المؤلف أن أنكحة الكفار كأنكحة المسلمين ولو كانت بالنسبة لأحكام المسلمين فاسدة، يعني إذا أجرى الكفار نكاح بلا ولي ولا شهود ولا مهر لكنهم يرونه نكاحاً صحيحاً فهو صحيح، والدليل على هذا من وجهين:
الوجه الأول: أن الله تعالى نسب نساء الكفار إليهم، والنسبة تقتضي التصحيح، فقال امرأة فرعون وامرأته حمالة الحطب فنسب المرأة لهذا الكافر وهذه النسبة تقتضي تصحيح العقد.
الدليل الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أهل الذمة ومجوس هجر وغيرهم على أنكحتهم، ولم يفتش فيها بل أجراها على الظاهر والصحة، فدل هذا على أن أنكحة الكفار حكمها حكم أنكحة المسلمين يعني من حيث الصحة، وهذا الحكم لا إشكال فيه فعليه عمل الصحابة وعليه عمل النبي صلى الله عليه وسلم، بناءً على هذا لا يصح أن نفتش عن أنكحتهم فنأتي إلى أهل الذمة ونقول كيف عقدت على زوجتك وننظر فيه فإن كان متوافقاً مع أحكام الشرع أمضيناه وإلا أبطلناه، هذا التصرف تصرف خاطئ مخالف لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ولظاهر القرآن.