القول الثاني: أن لها أن تتزوج وليس للولي أن يمنعها ولو كانت العيوب هي هذه الثلاثة المذكورة، لأن هذه العيوب تتعلق أولاً بالمرأة، ثم بالأولياء، فإذا رضيت هي بإسقاط حقها سقط، لأن الحق الأول لها، ولو قيل أن مثل هذه المسائل يرجع فيها للملابسات التي تحتف بها مثل طبيعة المرأة وطبيعة الأهل وحاجة المرأة وإلى آخره بالنسبة للمجنون والأبرص لكان للقول بالتفصيل هذا أنه يختلف باختلاف الأحوال قد يناسب أحياناً أن تزوج المرأة من مثل هؤلاء وقد لا يناسب بحسب وضع المرأة، هذا بالنسبة للجنون والبرص، لكن الجذام المشكلة فيه أنه مرض معدي، فإذا تمكنت من تجنب العدوى فذاك، وإلا فإنه ليس للإنسان أن يقحم نفسه في مثل هذا الأمر، وليس للولي أن يرضى أيضاً بتزويج موليته ممن سيباشرها الزوج، وتنتقل إليها هذه الأمراض لا شك أن هذا المنع فيه وجيه، أقول لو قيل بهذا التفصيل كان جيد وإلا إذا لم يقل بهذا التفصيل فالذي ذكره الحنابلة صحيح، وهذه المسائل كثير منها فتاوى صريحة عن الإمام أحمد، فمثلاً الزواج بالعنين والمجبوب نص الإمام أحمد أنه لا يعجبني، يقول ربما رضيت ثم ندمت إذا أرادت منه ما تريد المرأة من زوجها ندمت، وقد يحصل بناءً على هذا مفاسد.
الخلاصة أن مذهب الحنابلة في هذه المسائل وجيه إلا أن يقال بالتفصيل الذي أشرت إليه.
قال المؤلف ـ رحمه الله ـ:
(ومتى علمت بالعيب أو حدث به لم يجبرها وليها على فسخه)
قبل أن نتكلم على هذه المسألة، فهم من الكلام السابق في المسائل السابقة، أنه إذا رضيت المرأة والولي فالزواج صحيح، سواء كان العيوب الثلاثة أو العيبان المتقدمان، لأنه أحياناً يعلق على رضا الزوجة وأحياناً يعلق على رضا الولي، فإذا رضيت الزوجة والولي جاز التزويج بلا إشكال، ولا أظن هذه محل خلاف، إذا رضيت الزوجة ورضي الولي جاز لها أن تتزوج بمن يتصف بهذه العيوب بلا إشكال إن شاء الله لأن الحق لا يخرج عنهما.