وفي الترجيح بين القولين إشكال والخلاف قوي لأن كلاً من القولين معه دليل وجيه ويصلح للاستناد إليه، فالترجيح فيه إشكال، وليس في هذه المسألة احتياط. فلو أن الإنسان قال: سأحتاط وأستمر في التلبية إلى أن أبدأ بالطواف أو أن أدخل المسجد الحرام فهذا عند أصحاب القول الثاني يكون قد خالف السنة لأن تلبيته من حدود الحرم إلى دخول المسجد تلبية خلاف السنة عند أصحاب القول الثاني، فليس في هذه المسألة احتياط لأن الحقيقة الخلاف فيها قوي.
[باب صفة الحج والعمرة]
- يقول - رحمه الله -:
[باب صفة الحج والعمرة]
يعني: باب يذكر فيه تفصيل صفة الحج والعمرة، وهذا الباب يعتبر أهم الأبواب، وكما قلنا في باب صفة الصلاة نقول في هذا الباب: أنه خلاصة فقه كتاب الحج.
- ثم قال - رحمه الله -:
يسن للمحلين بمكة: الإحرام بالحج يوم التروية.
يسن للمحلين: أي المتمتعين، أن يحرموا بالحج يوم التروية.
- لقول جابر - رضي الله عنه -: فلما كان يوم التروية أهلوا من الأبطح أو من البطحاء.
وهو المكان الذي يسمى الآن المعابدة وهو مكان معروف وفي ذلك المكان نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأحرموا بالحج منه.
- قال - رحمه الله -:
الإحرام بالحج يوم التروية قبل الزوال.
إذاً: يسن أن يحرموا بالحج في هذا اليوم وأن يكون الإحرام قبل الزوال.
والدليل على هذا:
- أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرموا بالحج وذهبوا إلى منى وصلوا فيها الظهر.
وهذا دليل على أنهم أحرموا في الضحى قبل الزوال لأنهم صلوا في منى محرمين إذاً لاشك أنهم تقدم الإحرام بالنسبة لهم في ضحى هذا اليوم الثامن.
لكن في أي وقت من الضحى؟ ليس في السنة شيء واضح وهو أمر فيه سعة: من طلوع الشمس إلى قبيل الزوال فكل هذا وقت إحرام.
-
ثم قال - رحمه الله -:
منها.
يعني: أن السنة لمن أراد أن يحرم أن يحرم من مكة، وهذا - أي استحباب الإحرام من مكة - بلا نزاع بين الحنابلة:
- ليدرك فضل مكة بالإحرام منها.
= والقول الثاني: أن السنة أن يحرم الإنسان حيث كان نازلاً.
- لما ثبت في الأحاديث الصحيحة الثابتة أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أحرموا من المكان الذي كانوا فيه نازلين وهو الأبطح.