وهذا اختيار شيخ الإسلام - رحمه الله - هو الذي تدل عليه النصوص، فإذاً السنة أن يحرم الإنسان في مكانه الذي هو نازل فيه في أي جهة من مكة، فالمشروع له أن يتقصد الإحرام من هذا المكان ليأتي بالسنة في هذا الأمر.
- ثم قال - رحمه الله -:
ويجزئ من بقية الحرم.
يعني: وله أن يحرم من أي مكان من الحرم، ولا يختص الإحرام ببقعة معينة لا المسجد الحرام ولا غيره.
= ويفهم من كلام المؤلف - رحمه الله - أن من أحرم خارج الحرم فإنه لا يجزئ إحرامه وعليه دم.
- لأنه ترك واجباً وهو الإحرام من الحرم.
= والقول الثاني: أن للإنسان أن يحرم بالحج في اليوم الثامن من أي مكان كان فيه من حل أو حرم.
وهذا هو الصواب: - لأنه ليس في النصوص ما يدل مطلقاً على تعين الحرم للإحرام للحاج في اليوم الثامن بل النصوص مطلقة، فإذا أحرم من الحل أو من الحرم من قريب من مكة أو من بعيد منها فالأمر فيه سعة وهو جائز، بل ربما نقول أن الإنسان ينبغي أن يحرم من المكان الذي هو نازل فيه ولو كان خارج الحرم لأنا إذا رجحنا أن السنة أن يحرم الإنسان من المكان الذي هو نازل فيه فيستوي في هذا أن يكون الإنسان في الحرم أو خارج الحرم، فإذا نزل عند أقاربه في مكان خارج حدود الحرم فلا ينبغي له أن يتقصد الدخول للحرم والإحرام بل يحرم من مكانه ثم يأتي إلى إكمال المناسك.
-
ثم قال - رحمه الله -:
ويبيت بمنى.
يخرج الحاج إلى منى ويصلي فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ويقصر هذه الصلوات بلا جمع فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصر فيها الصلاة بدون جمع.
والمبيت في منى: = سنة عند الجماهير وحكى بعضهم الإجماع على: أن المبيت فيها سنة فإذا خرج الإنسان إلى عرفة مباشرة فإن حجه صحيح ولا يلزمه أي فدية، وهذا القول: وهو أن المبيت في منى سنة هو الصحيح إن شاء الله.
= والقول الآخر: قد نقول إن فيه شذوذاً لأنه مخالف لفقه الصحابة والسلف والتابعين ومن بعدهم الذين أطبقوا على سنية المبيت في منى.
- ثم قال - رحمه الله -:
فإذا طلعت الشمس: سار إلى عرفة.
ظاهر كلام المؤلف - رحمه الله - أن السنة للحاج إذا طلعت الشمس أن يذهب مباشرة إلى عرفة، وأنه لا يسن له أن ينزل في نمرة.