والقول الثاني: وهو للأحناف وجوب الدفع عن المال واستدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتل دون ماله فهو شهيد. وهذا اللفظ في البخاري كما تقدم معنا. واستدلوا أيضا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - قاتل من أراد أن يأخذ مالك. والراجح مذهب الجمهور والحديث الذي فيه من قتل دون ماله فهو شهيد. لا يدل على وجوب الدفع وإنما يدل على جوازه وأنّ صاحبه إذا قتل فهو شهيد فعرفنا الآن حكم الدفع في الأحوال الثلاثة إذا صال الإنسان على نفسه أو ماله أو عرضه.
قال - رحمه الله - (ومن دخل منزل رجل متلصصا فحكمه كذلك)
التلصص هو الدخول بغرض السرقة , ودفعه يكون كذلك يشير إلى أنه يجب أن يدفع بالأخف فالأخف , وهذا الحكم لا يختص بمن دخل الدار طلبا للسرقة بل يعم كل شخص دخل الدار بغير إذن ولو للفرجة ولو للتلقط الأخبار كل شخص دخل دار المسلم بغير إذنه فإنّ له أن يدفعه بالأخف فالأخف إلى أن يصل إلى القتل. فلو دخل الإنسان هكذا بيتك لا يريد شيء إنما يريد الإطلاع على البيت فلك أن تقول أخرج فإن لم يخرج فلك أن تخرجه باليد فإن حصل قتال وقتلته فهو هدر. لأنه معتد على حرمة المنزل فيدفع دفع الصائل الأخف فالأخف ولهذا لو أنّ المؤلف - رحمه الله - عمم العبارة فقال [ومن دخل الدار بغير إذن فكذلك] لكان أولى ليشمل جميع الصور.
[باب قتال أهل البغي]
قوله باب قتال أهل البغي.
البغي في لغة العرب / هو الظلم والعدوان.
وأما في الشرع فذكره المؤلف وسنقف مع تعريف المؤلف وهو يتكون من ثلاث جمل. والبغي والظلم محرم في جميع الشرائع.
والدليل على هذا الباب وهو قتال أهل البغي قوله تعالى {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي}[الحجرات/٩] وجه الاستدلال عند الفقهاء أنّ الآية أجازت قتال كل من امتنع عن الحق فاستدلوا بها على قتال أهل البغي , وإلاّ اقتتال طائفتان من المسلمين ليس هو البغي المقصود في تعريف الفقهاء ولكن استدلوا به من حيث أنّ الله أجاز قتال الفئة الباغية بكونها خرجت عن الطاعة ولم تستجب للأوامر فكذلك الباغية وهي التي تخرج عن الإمام.
يقول الشيخ - رحمه الله - معرفا لأهل البغي من يكونوا أهل البغي.