والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمر أصحابه على المروة أن يتحللوا تحلل بعضهم وذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكانه ثم تحدث الصحابة في استغرابهم من أن يأمروا بجعل هذا النسك عمرة وهم لا يعرفون العمرة في أشهر الحج وقد أتوا للحج. فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - إما من أحد الصحابة أو أبلغه الله سبحانه وتعالى أن الصحابة صاروا يتحدثون ويستغربون من هذا الأمر وأن بعضهم لم يمتثل الامتثال الكامل فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وخطبهم. وأمرهم وشدد عليهم أن يتحللوا فتحلل كل الصحابة الذين لم يسوقوا الهدي.
ولهذا نقول كما قال المؤلف: أن السنة أن الإنسان إذا طاف وسعى ولم يسق الهدي أن ينوي هذا النسك عمرة إذا لم ينوه ويقصر ويتحلل.
- ثم قال - رحمه الله -:
وإلاّ حلّ إذا حج.
(وإلا) أي: وإلا يكن متمتعاً بأن كان مفرداً أو قارناً أو كان متمتعاً لكنه ساق الهدي فهؤلاء الثلاثة كلهم لا يحلون إلا بعد الحج، أي إلا بعد استكمال المناسك ورمي جمرة العقبة كما سيأتينا، إذاً: السنة للقارن والمفرد والمتمتع إذا ساق الهدي أن لا يحلوا إلا بعد رمي جمرة العقبة. وهذا معنى قول الشيخ (إذا حج).
-
ثم قال - رحمه الله -:
والمتمتع إذا شرع في الطواف: قطع التلبية.
المتمتع إذا شرع في الطواف قطع التلبية أي ولا يشرع أن يقطع التلبية قبل ذلك.
واستدلوا على هذا:
- بأنه مروي بإسناد صحيح عن ابن عباس - رضي الله عنه -.
واستدلوا بدليل آخر وهو:
- أن من تتبع المناسك علم أن التبية تنقطع إذا أخذ الحاج في التحلل. بدليل: أن الحاج أيضاً يقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة يعني إذا بدأ في التحلل فكذلك بالنسبة للمتمتع إذا شرع في طواف العمرة فقد شرع في التحلل فيشرع له أن يقطع التلبية.
وكل هذه التعليلات تعليلات قوية وتفيد أن من علل بها قد استند على مقصود الشارع.
= القول الثاني: أن الإنسان يقطع التلبية من حين يدخل حدود الحرم. وليس الحرم الذي هو المسجد.
واستدلوا على هذا:
- بأن ابن عمر ثبت عنه في الصحيح أنه كان يقطع التلبية إذا دخل الحرم ويقول: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك.